صلاة المريض المريض أحدُ أهلِ الأعذار؛ المرضى والمسافرون والخائفون، وهم الذين لا يستطيعون آداء الصّلاة على الصِّفة التي يؤديها غير المعذور؛ فالشَّرع الحنيف خفّف عن المريض، وأتاحَ له آداء الصَّلاة حسب استطاعته وقدرته الجسديّة، وهذا من يُسر الشّريعة السمحاء، قال تعالى:"لا يُكلِّف الله نفسًا إلا وسعها"، فالصَّلاة فرضٌ واجبٌ لا يسقط عن المرء لمرضٍ، ما دام في كامل قواه وقدراته الذِّهنيّة والعقليّة؛ فالصَّلاة عمود الدِّين وأساسه القويم.
كيفيّة صلاة المريض على المريض أنْ يؤديَ الصّلاة على الهيئة والكيفيّة التي يستطيعها، بالتزامِه أحكامَ الشّرع في هذا النِّطاق، على النحو التَّالي:
- المسلم مُلزَم بالصّلاة واقفًا؛ أمّا إذا لم يستطع الوقوف إلا اعتماداً على عصا، أو مستندًا إلى جدارٍ؛ فلا بأس في ذلك -برأي أهل العلم-.
- المسلم المريض يجوز له أنْ يصلي قاعدًا بطريقة الصَّلاة نفسها قائمًا؛ في حال عجز عن الوقوف، أو سبّب له القِيامُ المشّقةَ، أو خاف من زيادة المرض والأذى الجسديّ نتيجة ذلك، ومن صلّى قاعدًا لعُذرٍ فلا إعادة لصلاته، ولا ينقص من أجره شيئٌ، وللمريض أنْ يقعد للصَّلاة بالكيفيّة التي تُريحه ويستطيعها؛ فالشّارع لم يُحددْ كيفية للصَّلاة في حالِ كان المسلم قاعداً.
- الصّلاة على الجنب؛ بحيث يكون المريض على جنبه ووجهه للقبلة، وعلى الجنب الأيمن إنْ استطاع؛ في حال عجز عن الصَّلاة قاعدًا.
أمّا إنْ عجز عن التّوجه للقِبلة أو الصَّلاة على الجنب الأيمن؛ فيصلّي على الحال الذي هو عليه.
- الصَّلاة على الظَّهر؛ أنْ يؤدي المريض الصَّلاة وهو مستلقٍ على ظهره إنْ تعذّر عليه الصَّلاة على جنبه، بحيث تكون رجلاه إلى القِبلة قدر المُستطاع.
أحكام في صلاة المريض
- إذا صلّى المريضُ قاعدًا ولم يستطعْ السُّجود، أو صلّى على جنبه، أو صلّى على ظهره؛ فإنّه يومىء- يشير- برأسه للرُّكوع والسُّجود، بحيث يجعل الإيماء للسُّجود أخفض من الإيماء للرُّكوع؛ فعن عمران بن حصين -رضي الله عنه- قال: كانت بي بواسير؛ فسألتُ النَّبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقال:"صلِّ قائمًا، فإنْ لمْ تستطعْ؛ فصلِّ قاعدًا؛ فإنْ لم تستطعْ؛ فعلى جنبك"، زاد النِّسائيّ: "فإنْ لم تستطع فمستلقيًا، (لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها)".
- من عجز عن الإيماء بالرأس في الرُّكوع والسُّجود؛ فعليه أنْ يومىء بعينيه، أو أنْ يفتح ويغمض عينيه، ولو رمشًا خفيفًا.
- لا يجوز ترك الصَّلاة بأيّ حُجةٍ كانت؛ كالعجز عن الوضوء، أو نجاسة الملابس، أو إجراء العمليّات الجراحيّة.
- من بدأ الصلاة بكيفية صحيحة واستطاع الانتقال إلى حال أفضل؛ كمن ابتدأها على جنب ثم استطاع القعود، أو ابتدأها قاعداً ثم استطاع الوقوف؛ فعليه أن يتحوّل إلى الحالة المناسبة له شرعا، ويتمَّ صلاته عليها وجوبا، كذلك من ابتدأ الصلاة قائما ثم عجز عن الوقوف؛ فله أن يتم الصلاة قاعداً، وهكذا.