تشكّل تربية الأطفال في وقتنا الحاضر تحدّياً للكثير من النّاس، فالوقت المتاح لكثيرٍ من الآباء يتقلّص باستمرار بسبب صعوبة العيش وكثرة مسؤوليات الحياة، ومن هنا برزت الحاجة لأن يتشارك الزّوجان في تحمّل مسؤوليّة تربية الأطفال بحيث يتحمّل كل طرفٍ منهما جزءاً منها، وبالتّالي تتوزّع الأعباء على الطّرفين، فالأب يخصّص وقتاً للجلوس مع أطفاله وتوجيههم وكذلك تفعل الأم .
وإنّ تربية الأطفال مسألةٌ مهمّة يغفل عنها الكثيرون، فترى الأب يوفّر المال لأطفاله ويظنّ أنّ ذلك ما يهمّ طفله، وينسى أو يتناسى بأنّ تربية الأطفال تتطلّب الجلوس معهم والتّحدث إليهم، كما أنّ تربية الأطفال وخاصّةً في الصّغر تسهم في تشكيل عقليّة الطّفل وثقافته، وترى الطفل دائماً ينظر إلى ما يفعل أبويه ويتّخذهما قدوةً له ، وكما قال الشّاعر :
وينشأ ناشئ الفتيان فينا على ما كان عوّده أبوه
ومادان الفتي بحجاً ولكن يعلمه التّدين أقربوه
وإنّ هناك عدداً من النّصائح نوجّهها للأبوين في كيفيّة تربية أطفالهم ونذكر منها :
- القدوة الحسنة، فحين يرى الطفل أبويه يعملان العمل النّافع الصّالح تراه يقلّدهما فيه، ذلك أنّ عالم الطفل هو أبويه، وإنّ أنظاره متوجهةٌ إلى ما يفعلان دون سواهما، ويستهين كثيرٌ من النّاس في هذا الأمر فتراه إذا اتّصل أحدٌ من النّاس مثلاً به وقام طفله بالرّدّ على الهاتف قال له، قل له أنّي غير موجود، وما درى هذا الأب الجاهل أنّه بفعله هذا يغرس في نفس طفله معنىً ذميم قبيح وهو الكذب، وبالتّالي فلا يستهين أحدٌ في هذه المسألة الهامّة وهي أن نكون قدوةً لأبنائنا في كلامنا وأفعالنا ومظهرنا بين النّاس حتى يقتدي بنا أبناؤنا، وحين نراهم كذلك نفرح بحصاد تربيتنا لهم بذوراً تعاهدناها بالرّعاية والاهتمام والتّوجيه فأينعت ثماراً صالحةً لمجتمعها .
- وعلى الأبوين كذلك أن يجلسان مع أطفالهم وأن ينزلان أنفسهم منزلهم في التّفكير والاهتمام، فحين تخاطب الطفل بلسانه وحين تهتم بما يشغله تراه ينجذب إليك انجذاباً عجيباً، فتستطيع حينئذ غرس القيم النّبيلة والأخلاق الحميدة في نفس طفلك حين تقدّمها له في قالبٍ يناسب عمره وطفولته .
- وعلى الأبوين أن يدركا أنّ لكلّ مرحلةٍ من مراحل الطفل حاجاتٍ واهتمامات، وأنّ كلّ مرحلةٍ تستلزم اسلوب تخاطبٍ وتربية ، وأنّ تربية الأطفال هي عمليةٌ مستمرّة حتى يشبّوا ويصبحوا قادرين على تولّي زمام أمورهم فلا يستسلم الأبوين إذا واجهتهم صعوبات بل يستعينوا بالله تعالى على ذلك .