(إن أبغض الحلال عند الله الطلاق)، الطلاق هو الشيء الوحيد الذي أحلَّه الله ثم أبغضه، لما فيه من دمار للأسرة وتشريد للأبناء في حال وجودهم، حيث لا يعود للبيت وجود، فليس للأبناء من مستقر، فيوماً عند الأب ويوماً عند الأم. ويُعرَّف الطلاق لغة بأنه التَّخْلية، واصطلاحاً؛ بأنه حل أو فسخ عقد النكاح؛ولذلك أبغضه الله سبحانه وتعالى.
والطلاق بداية نوعان، طلاق بائن؛ وطلاق رجعي. الطلاق البائن هو الذي لا يحق للزوج أن يرتجع المطلقة بعده إلا برضاها وبعقد جديد، أما الطلاق الرجعي فهو كما هو واضح من اسمه ما يجوز معه للزوج رد زوجته في عدتها من غير استئناف عقد، وهو ما كان دون الطلقة الثالثة بالنسبة للمدخول بها، أما غير المدخول بها فإنها تبين منه بمجرد الطلاق. والطلاق قسمان، طلاقٌ قبل الدخول؛ وطلاق بعد الدخول، أي قبل أو بعد أن يخلو بها الخلوة الشرعية؛ ويقضي منها وطَره. فإن طلقها قبل الدخول؛ فليس عليها عدة وليس لها نفقة، ويمكن أن تتزوج ممن تختاره من رجال المسلمين فوراً إن أحبَّت وذلك لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا). سنتعرض لاحقاً لعدة المطلقة، ولكن المطلقة طلاقاً بائناً؛ ليس لها نفقة العدة. أما المطلقة طلاقاً رجعياً فلها نفقة أثناء عدتها حتى تنقضي أو يرجعها الزوج ثم تتوقف النفقة.
أما المطلقة بعد الدخول طلاقاً رجعياً، ففيها عدة حالات، أن تكون المطلقة من ذوات الحيض أو ممن لا يأتيها الحيض، كالصغيرة أو من بلغت سن اليأس. فإن كانت من ذوات الحيض؛ فعدتها ثلاثة قروء أي ثلاثة حيضات كاملة إذا لم تكن حاملاً؛ وذلك عملاً بقول الله تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ)، أما إن طلقها أثناء الحيض؛ فلا تعدُّ حيضة، وتبدأ العدة من الحيضة التي تليها. أما إذا كانت لا تحيض، فعدتها ثلاثة أشهر كاملة. وتقضي المعتدَّة بالطلاق الرجعي عدتها في بيت الزوج حتى تنقضي، إلا إذا كانت هناك ضرورة أو حاجة تقتضي أن تسكن في بيت آخر. وذلك لقوله تعالى (لا تخرجوهن من بيوتهنَّ). أما الحامل فعدتها حتى تضع حملها، وإن راجعها عادت لزوجها خلال فترة الحمل، وإلا تنقضي عدتها بولادتها.
المطلقة طلاقاً بائنا، فتكون إما بعد الطلقة الثالثة، وفي هذه الحالة لا ترجع له إلا بوجود محلل، وهو أن تتزوج من غيره ويطلقها بعد دخوله بها ثم يمكنها أن ترجع لزوجها. أو تكون قد قضت عدَّتها وخرجت من رجعية الزوج لها، وفي هذه الحالة يمكن أن تعود لزوجها بمهرٍ وعقدٍ جديدين. أعاذنا الله وإياكم من الطلاق ومغبَّة الطلاق، وأدام الله على أُسرِنا المحبة والود والتفاهم، ولا أتمنى أن أرى أو أسمع عن أي بنيانٍ أُسري أنه قد هُدِم، لأن أعظم أفعال الشياطين هو أن يفرِّقوا بين المرء وزوجه.
المقالات المتعلقة بما عدة المطلقة