محتويات
- ١ مكانة الوالدين في الإسلام
- ٢ واجبات الأبناء تجاه الوالدين
- ٣ واجبات الآباء تجاه أولادهم
- ٤ المراجع
مكانة الوالدين في الإسلام اعتنى الإسلام بالوالدين عنايةً خاصّةً، وجعل حقّهما بعد الإيمان بالله سبحانه تعالى؛ فالوالدان هما أساس نشأة الأبناء وسبب وجودهم، فهما اللّذان يُقدّمان الغالي والنّفيس في سبيل رؤية أبنائهم يكبرون ويبلغون أعلى الدّرجات، وقد قرن الله تعالى طاعته بطاعة الوالدين والإحسان إليهما، حيث قال في كتابه العزيز: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً).[١] يُعتَبر ذِكْر الله سبحانه وتعالى لطاعة الوالدين في القرآن الكريم بعد ذكر طاعته عزّ وجلّ دلالةٌ واضحةٌ على أهميّة بِرِّهما واحترامهما، وأنّ لهما على الأبناء حقوقاً يجب أداءها، فما هي هذه الحقوق التي يمكن تقديمها للوالدين كنوعٍ من رد الجميل الذي قاما به؟
واجبات الأبناء تجاه الوالدين مهما قدَّم المرء لوالديه من معروفٍ وعملٍ حسن فإنّه لن يبلغ عُشر ما قدماه له من تربيةٍ وبذل ووقت وطاقة ليكون من أفضل النّاس، بل أفضلهم على الإطلاق، وهنالك مجموعة من الواجبات التي يجب أن لا يتجاوزها الأبناء في تعاملاتهم مع آبائهم، وبيانها فيما يأتي:[٢]
- الإحسان إلى الوالدين وبرِّهما وعدم رفع الصوت بحضرتهما: حيث أمر الله سبحانه وتعالى الأبناء عموماً في آيات كثيرة ببرّ الوالدين، ووجوب طاعتهما، والإحسان إليهما، وشكرهما، وبيّن كيفيّة ذلك في سورة الإسراء، فقال عزَّ وجل: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً).[٣]
- الإنفاق على الوالدين: حيث إنّ من حقّ الوالدين على أولادهم أن ينفقوا عليهما إذا احتاجا إلى النّفقة وكان أبناؤهما قادرين، ويُعتَبر ذلك من أعظم البرّ بهما، وأفضل الطّرق لشكرهما، وذلك لقول النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام-: (إنَّ أطيبَ ما أكلَ الرَّجلُ من كسبِهِ وإنَّ ولدَهُ من كسبِهِ)،[٤] وقد أجمع الفقهاء على أن نفقة الأبوين الفقيرين اللّذين ليس لهما مال ولا مُلك واجبةٌ في مال أولادهما القادرين على الكَسب.
- طاعة الوالدين وحُرمة عقوقهما: فإن بِرّ الوالدين يقتضي إطاعتهما بالمعروف وفق ما تقتضي الشّريعة وتأمر؛ فإذا أمر الوالد ولده بأمرٍ مُعيّن مشروع وَجَب عليه المبادرة فوراً إلى ذلك من غير تمهّلٍ أو انتظارٍ، أو تردّد، أو تأفف، فإن كان عنده مانعٌ شرعيّ أو حِسيّ يمنعه من تنفيذ أمر والده أو والدته حالاً اعتذر إليهما بلباقة، وذكر لهما انشغاله وعدم تمكُّنه من تلبية ما طلبا في الوقت الحالي، حيث قال عزَّ وجل: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً).[٣] ولكن تلك الطّاعة مقرونةٌ بما يُرضي الله سبحانه وتعالى، فلا تجوز طاعة مخلوقٍ مهما بلغت درجته إن كان يأمر بما فيه معصية أو محرم، قال عز وجل: (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا).[٥] ومع كل ذلك، فقد أمر الله سبحانه وتعالى الأبوين، حتّى إن طلبا منه ما هو مُحرّم، ألا يَعقّهما ولا يخرج عن طوعهما ويُسيء إليهما، بل أمره بأن يصحبهما ويُعينهما على الخير.
- الدّعاء للوالدين: من أهمّ حقوق الوالدين على أولادهما الدّعاء لهما في كل وقت خلال حياتهما وبعد وفاتهما، ومهما اجتهد الأبناء في برّ الآباء والإحسان إليهما فلن يُؤدياهما جزءً من حقوقهما، وشكر فضلهما، قال تعالى في الدعاء للوالدين: (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً).[٦] قال ابن جرير في تفسير هذه الآية: (ادعُ الله لوالديك بالرّحمة والمغفرة، وقل رب ارحمهما واعطف عليهما كما عطفا عليك في صغرك، فرَحِماك وربّياك صغيراً، حتى استقللت بنفسك حتّى استغنيت عنهما).
واجبات الآباء تجاه أولادهم كما أن للوالدين واجباتٍ وحقوقاً تجاه أبنائهما، فإن عليهما كذلك واجبات لهم من أجل تنشئةً أبنائهم وتربيتهم تربيةً صحيحةً وفق ما أمر الله ورسوله، ولذلك عليهما أن يسعيا إلى ترسيخ مفهوم تقوى الله سبحانه وتعالى وإطاعته في نفوسهم في كلّ حينٍ وفي كل حال يمرون به، وقد وضع الإسلام عدداً من القواعدَ الأساسيّة لتربية الأبناء ابتداءً من أولى مراحل حياتهم حتّى يبلغوا سنّ الرّشد ويكونوا بحالة يستغنون فيها عن مساعدة أبويهم، ومن أهمّ واجبات الآباء تجاه الأبناء ما يأتي:[٧]
- اختيار الأم الصّالحة التي ستقوم بتربية الأبناء بعد ولادتهم وتُنشئهم وفق قواعد الإسلام وأحكامه، فإنّ اختيار الأم أوّل لبنة توضع في بناء تربية الأبناء التّربية السّليمة، وذلك لقوله عليه الصّلاة والسّلام: (ثلاثةٌ من السَّعادةِ: المرأةُ الصَّالحةُ تراها تعجبُك، وتغيبُ فتأمنُها على نفسِها ومالِك، والدَّابَّةُ تكونُ وطيئةً فتُلحقُك بأصحابِك، والدَّارُ تكونُ واسعةً كثيرةَ المرافقِ. وثلاثٌ من الشَّقاءِ: المرأةُ تراها فتسوءُك وتحملُ لسانَها عليك وإن غبت عنها لم تأمَنْها على نفسِها ومالِك، والدَّابَّةُ تكونُ قطوفًا فإن ضربتها أتعبتك وإن تركتها لم تُلحِقْك بأصحابِك، والدَّارُ تكونُ ضيِّقةً قليلةَ المرافقِ).[٨]
- تسمية الأبناء والبنات تسميةً حسنةً.
- تعليم الأبناء وتربيتهم على القيم والأخلاق الحسنة والصّفات النّبيلة، وذلك في بداية نشوئهم وابتداء عمر الإدراك لديهم؛ حتى ينشأوا على الفضائل ويبتعدوا عن الرّذائل والفواحش عند بلوغهم.
- تعليمهم الصّلاة وحثّهم عليها عند بلوغم سن السّابعة، وإلزامهم عليها عند البلوغ، وحثهم على المواظبة عليها وعدم تركها، ومُعاقبتهم إن تركوها، واستمرار تعليمهم أحكام الدّين وآدابه وفضائله وشعائره حتّى يبلغوا مرحلة العلم المُطلَق من حيث العلم بأحكام الحلال والحرام، وما هو واجبٌ عليهم وما هو مُحرّم.
- تعليمهم شيء من القرآن الكريم بتحفيظهم وتفهيمهم أحاكمه وتفسيره، وتعظيم آيات الله وسُنّة رسوله -عليه الصّلاة والسّلام-، وإطلاعهم على سيرة الرّسول -عليه الصّلاة والسّلام- وأصحابه، وعلماء الأمّة وقادتها وعظمائها؛ حتى ينتهجوا نهجهم ويقتدوا بهم.
- استغلال البرامج الثقافيّة ووسائل التّواصل المُعاصرة، والتّقنيات الحديثة المُنتشرة، كالفيديو والكمبيوتر ونحوها، في التّربية، شريطة أن يكونوا على تواصلٍ دائمٍ بهم، وأن يطّلعوا عليهم أثناء استخدامهم لتلك الوسائل، وأن يضعوا فيهم نزعة الرّقابة الداخليّة بضرورة التقيُّد بأحكام الشّريعة وعدم انتهاك أحكام الله في السرّ والعلن.
- أن يختار الآباء الرّفقة الصّالحة لأبنائهم، وينتبهوا لعدم وجود رفقاء سيئين عندهم، والتأكّد من أنّ جميع رُفقائهم من الذين لا يُخشى عليهم من رفقتهم؛ فإنّ الرّفيق السّيئ يضع من الخصال ما لا يستطيع الآباء زرعه لسنوات مُتعاقبة.
- إشغالهم في وقت مُراهقتهم بالنّافع من الأعمال حتّى لا يلجؤوا إلى الضارّ السّيء؛ لأنّ الفراغ في هذه المرحلة أشدّ خطراً من كل ما فات ذكره.
- إشعار الآباء للأبناء إذا بلغوا مرحلة المُراهقة أنّهم قد أصبحوا رجالاً يُعتمد عليهم؛ فالشّاب أو الولد أو البنت يشعرون ذلك بأنفسهم من خلال التغيُّرات الفسيولوجيّة التي يمرّون بها، فإذا لم يجد في البيت من يُشبِع لهم ذلك الإحساس بإعطاءهم الثّقة بالنّفس، فإنهم سيترجمونها إلى أفعال خارج البيت رُبّما تُودي بهم إلى طريق لا تُحمَد عقباه.
المراجع ↑ سورة الإسراء، آية: 23-24. ↑ د.عبدالعزيز بن فوزان الفوزان (1/5/2012)، "حقوق الوالدين في الشريعة الإسلامية"، الملتقى الفقهي، اطّلع عليه بتاريخ 9/1/2017. بتصرّف. ^ أ ب سورة الإسراء، آية: 23-24. ↑ رواه ابن حجر العسقلاني، في تخريج مشكاة المصابيح، عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، الصفحة أو الرقم: 3/134، حسن. ↑ سورة لقمان، آية: 15. ↑ سورة الإسراء، آية: 24. ↑ "أفكار هامة لتربية الأطفال"، اسلام ويب، 30/1/2002، اطّلع عليه بتاريخ 29/12/2016. ↑ رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن سعد بن أبي وقاص، الصفحة أو الرقم: 3/92، إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما.