حين يتوفّى الله تعالى أحداً من البشر يذهب النّاس إلى المقابر لدفنه، فيقرؤوا له الفاتحة ويستغفروا له ثمّ يتولّون عنه ويرجعون إلى بيوتهم، ويبقى الإنسان في قبره ويبقى معه عمله فقط بعد أن يتولّى عنه ماله وأهله، فالعمل هو الذي يبقى مع الإنسان بعد مماته وارتحاله عن هذه الحياة الدّنيا، فإن كان عمله صالحاً أراه الله تعالى مقعده من الجنّة، وإن كان عمله سيئاً أراه الله تعالى مقعده من النّار، ولا شكّ بأنّ العمل الباقي ينقسم إلى قسمين عملٌ صالح وآخر سيءٌ طالح، وقد ذكر الله تعالى الباقيات الصّالحات في كتابه الكريم في معرض الموازنة بين الفاني والباقي فقال تعالى ( المال والبنون زينة الحياة الدّنيا، والباقيات الصّالحات خيرٌ عند ربك ثواباً وخير أملاً )، كما ذكرت الباقيات الصّالحات في سورة مريم في قوله تعالى ( والباقيات الصّالحات خيرٌ عند ربك ثواباً وخير مرداً )، فما هي تلك الباقيات الصّالحات التي تبقى مع الإنسان وتكون خيرٌ له من كلّ زينة الدّينا ومتاعها؟.
تكلّم العلماء في معنى الباقيات الصّالحات والرّاجح من أقوال العلماء أنّها كلّ خيرٍ وعملٍ صالح، فالمسلم حين يسخّر حياته في طاعة الله تعالى فإنّه بذلك يدّخر لنفسه الحسنات في ميزان عمله يوم القيامة، ومن تفوّقت حسناته على سيّئاته دخل الجنّة، وكثيرةٌ هي الأعمال الصالحة التي يتحصّل منها المسلم على الحسنات فمن المسلمين من يسخر ماله في سبيل الله تعالى فتراه ينفق منه على الفقراء والمساكين، ومن المسلمين من يسخّر علمه كي يعلّم المسلمين دينهم وشؤون دنياهم، ومن المسلمين من ينبري لمهمة الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، فتراه ينصح النّاس العاصين وهو يرجو رضا الله تعالى وجنّته، فكل عملٍ صالح يبتغي فيه المسلم الله والدار الآخرة هو من العمل الباقي الذي ينفعه يوم القيامة يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلاّ من أتي الله بقلب سليم.
وقد تصدّق النّاس يوماً بشاة على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال النّبي الكريم ماذا بقي، فقال له النّاس ذهبت كلّها إلاّ كتفها، فقال لهم النّبي عليه الصّلاة والسّلام مبيّناً حقيقة الحال أنّ كلّ الشّاة بقيت ما عدا كتفها، أي أّنّ التّصدق هو الباقي والنّافع للمسلم، قال تعالى ( فما أوتيتم من شيءٍ فمتاع الحياة الدّنيا، وما عند الله خيرٌ وأبقى للذين آمنوا وعلى ربّهم يتوكّلون )، صدق الله العظيم.
المقالات المتعلقة بما هي الباقيات الصالحات