يُعدّ اللؤلؤ الطبيعي نوعاً من أنواع الأحجار الكريمة الفريدة من نوعها، ويعود السبب في ذلك إلى أنّها النوع الوحيد الذي يتشكل داخل جسم كائن حي من الرخويات مثل المحار أو بلح البحر أو أذن البحر، ويتشكّل اللؤلؤ عندما يدخل جسم غريب مزعج إلى صدفة الرخويات، ولحماية نفسها تُفرز نواة صلبة يحيط بها نسيج من عدة طبقات حول الجسم الغريب، أما طبقات النسيج فتتكون على مدار عدة سنوات وليس خلال فترة قصيرة، إلى أن يتشكل جسماً صلباً يعتمد في حجمه وشكله على شكل وحجم النواة التي تم تشكيلها منذ البداية، إضافة إلى اعتماده على المنطقة والمحيط الذي تعيش فيه الرخويات.[١]
يعد اللؤلؤ شيئاً طبيعياً نادراً اليوم؛ حيث تم حصاد أغلبه منذ القدم، وبذلك استُنزِفَت معظم الرخويّات المنتجة له؛ الأمر الذي دعا إلى ظهور النوع الآخر وهو اللؤلؤ الصناعي أو اللؤلؤ الزراعي؛ حيث تمّ زراعته اليابان في القرن العشرين من خلال زرع نواة في أصداف الرخويات المُنتِجة للّؤلؤ ثم إعادته إلى مياه البحر ليتم إنتاجه فيما بعد، ويعود السبب في كون اللؤلؤ الطبيعي باهظ الثمن ونادر إلى أنّ واحدة فقط من عشرة آلاف محارة قادرة على إنتاج لؤلؤة واحدة، كما أنّ نسبة قليلة فقط من العشرة آلاف محارة قادرة على إنتاج جوهرة ثمينة بالشكل واللون والحجم المطلوبين.[١]
تتكوّن طبقات اللؤلؤ من بلورات الأرجوانيت وتذوب هذه المادة في الحموض، كما يُحيط بحبّة اللؤلؤ مادة عضوية تُدعى كنكيولين، والتي يمكن أن تتحلّل عند تعرّضها لدرجات حرارة عالية، فيجفّ اللؤلؤ مع مرور الوقت، وبسبب حساسيته وليونته فإنه يتم خدشه بسهولة إذا لم تتم العناية به وحفظه بعيداً عن الاحتكاك بالأشياء الصلبة والجواهر الأخرى مثل الماس، كما يجب أن يُغسل جيداً ويُجفَّف بعناية تامة بعد لبس المجوهرات التي يدخل في تكوينها وتزيينها.[٢]
أماكن وجود اللؤلؤيوجد اللؤلؤ الطبيعي في مختلف أنحاء العالم؛ حيث تأخذ كل قارة من القارات الست نصيبها من وجوده فيها، فمنذ القدم كان اللؤلؤ يتواجد بكثرة في الخليج الفارسي خاصة المنطقة الواقعة حول دولة البحرين الآن؛ حيث كان يُعزى العمل في حصاد اللؤلؤ إلى أكثر من ثلاثين ألفاً من الغواصين، وانتهى تواجد اللؤلؤ في هذه المنطقة في عام 1930م بعد اكتشاف النفط، ومع بداية استخراجه تلوثت المياه وانعدمت حياة الرخويات المنتجة للّؤلؤ الطبيعي آنذاك.[٣][٤]
انتشر اللؤلؤ الطبيعي في مياه البحر الأحمر بكثرة في زمن البطالمة، ولا يزال يتوافر فيه إلى الآن ولكن بكميات أقل بكثير من السابق، وعُثر على اللؤلؤ الطبيعي في سواحل الصين وكوريا واليابان، إضافة إلى بعض الأنهار مثل أنهار الصين وسيبيريا ومنشوريا، أمّا إفريقيا فتواجُد اللؤلؤ الطبيعي فيها قليل جداً مقارنة بغيرها من القارات، وتواجَد اللؤلؤ الطبيعي في أستراليا على الساحل الشمالي منها، إضافة إلى منطقة جنوب المحيط الهادئ.[٤]
أما في أوروبا فد عُثِرَ على كميات قليلة منه في بحار فرنسا والنمسا والنرويج والسويد، في حين تم العثور على كميات أكثر في أنهار تلك البلدان، وساهمت الأمريكيتان الشمالية والجنوبية في نسبة حصاد اللؤلؤ الطبيعي؛ حيث تواجد اللؤلؤ في أمريكيا الشمالية في خليج كاليفورنيا التي تشتهر بكثرة المحار، أمّا اللؤلؤ الناتج من أذن البحر فكان مصدره من جهة ساحل المحيط الهادئ، وعُثِرَ عليه في معظم أنهار أمريكا الشمالية من ضمنها كندا والمكسيك، أمّا أمريكا الجنوبية فقد استُخرج اللؤلؤ الطبيعي من ساحل فنزويلا، بالإضافة إلى وجوده في دول أخرى منها مثل البنما والإكوادور.[٤]
مصادر اللؤلؤ في العالم الإسلامياقتنى المسلمون اللؤلؤ واتّجروا فيه إضافة إلى استخراجه من العديد من المناطق التي كان يتواجد فيها، كما صنّف العلماء المسلمون الأحجار الكريمة مثل الكندي والإدريسي وابن الجزار، ومن أشهرالمناطق التي تواجد فيها اللؤلؤ في العالم الإسلامي هي سرنديب؛ أي جزيرة سيلان، وتقع في جنوب الهند، وكان اللؤلؤ المُستخرَج منها من أندر أنواع اللؤلؤ، واستُخرِجَ أيضاً من الخليج العربي وساحل البحرين وعُمان، وكان اللؤلؤ الفاخر يُستخرَج من جزيرة خارك الواقعة بين كيش والبحرين، كما استُخرِجَ اللؤلؤ من ساحل البحر الأحمر المصري، وقد تحدث الرحالة العربي ابن بطوطة عن مدينة تقع على ساحل بحر الهند وتدعى سيراف؛ حيث ذكر أنّ فيها عرباً يغوصون في أعماق البحر بحثاً عن الجواهر، كما تحدّث المقريزي عن ميناء يُدعى عيذاب وهو مواجه لميناء جدة؛ حيث ذَكر أنّ الغواصين يخرجون في وقت محدد من كل عام في زوارقهم ويبحثون عن المجوهرات.[٥]
الفرق بين اللؤلؤ الطبيعي واللؤلؤ الزراعييُعتبر التفريق بين اللؤلؤ الطبيعي واللؤلؤ الزاعي أمراً صعباً إلى حد ما، وقد توصّل الخبراء إلى أنّ الطريقة الوحيدة والمضمونة للتفرقة بينهما هو الأشعة السينية التي تكشف عن ما إذا كانت اللؤلؤة طبيعية أم زراعية؛ عن طريق نظر الخبراء إلى داخل اللؤلؤة والكشف عن طبيعتها؛ حيث إن جميع اللآلئ من السطح تبدو متشابهة ويصعب التفريق بينها.[٦]
يتشكّل اللؤلؤ الطبيعي عند دخول جسم غريب إلى داخل صدفة واحدة من أنواع الرخويات المنتجة للّؤلؤ، ثم تُفرز الرخويات نواة صلبة حول الجسم الغريب لحماية نفسها، وتبدأ بعد ذلك بتكوين نسيج من عدة طبقات إلى أن يتشكل اللؤلؤ بعد عدة سنوات،[١] بينما يتم إنتاج اللؤلؤ الزراعي بتدخُّل من الإنسان؛ حيث تُفتح المحارة وتُزرع نواة داخلها، ثم يتم إعادتها إلى مياه البحار ليتم بعد ذلك إنتاج اللؤلؤ،[١] ويتابع المزراعون مراحل إنتاج اللؤلؤ بعناية شديدة إلى أن يحصلوا على الشكل الذي يرغبون به، ويتم حصاد اللآلئ المزروعة كاملة في نفس الوقت، ثم تُنظّف وتُعالج قبل تحويلها إلى مجوهرات ثمينة.[٧]
يتمتع اللؤلؤ الطبيعي بجودة عالية في معظمه؛ إلّا أنّه يختلف في مظهره من حيث حجمه ولمعانه، في حين يمتلك اللؤلؤ الزراعي نفس الشكل والحجم، أمّا من جهة اللون فتكون اللآلئ الزراعية مصبوغة بألوان مختلفة، واعتماداً على ذلك فلها لمعان مختلف أيضاً، كما يُعدّ السبب الرئيسي في ارتفاع سعر اللؤلؤ الطبيعي هو ندرته وصعوبة الحصول عليه، أمّا اللؤلؤ الزراعي فيتواجد بأسعار مختلفة ويعتمد سعره على حجمه وشكله ولمعانه،[٧] ويختلف سمك قشرة اللؤلؤ الطبيعي عن الزراعي، فسُمك قشرة اللؤلؤ الطبيعي أكبر من سمك قشرة اللؤلؤ الزراعي.[٨]
المراجعالمقالات المتعلقة بأين يوجد اللؤلؤ الطبيعي