مفهوم القوة

عندما تتغير حالة الجسم وسرعته من حالة إلى أخرى فإنك تتوقع أن سبب هذا التغير يحدث بفعل مسبب ما خارج هذا الجسم، عندما تتحرك الطواحين الهوائية مثلاً فإن المسبب لهذه الحركة هي الهواء، وأيضاً عندما ينزلق جسم على أرض خشنة ويتوقف فإننا نتوقع أنه بسبب الاحتكاك مع هذا السطح هو الذي أوقف الجسم.

من خلال هذه الأمثلة نتوقع حدوث شيء معين أو حدث معين يكون وراءه مسبب خارجي، فمن هذا المنطلق درس العديد من العلماء سبب تغير مقدار واتجاه سرعة الأجسام، وسبب تغير حالة الجسم من السكون إلى الحركة، فمن خلال التجارب العلمية توصل العلماء إلى مفهوم القوة، ومن خلال هذا المقال سوف نتعرف على مفهوم القوة، ونذكر أهم القوى الموجودة في الطبيعة.

حاول العديد من العلماء من خلال أبحاثهم المختلفة وملاحظاتهم العديدة تعريف القوة، ولكن اختلف مفهوم القوة من تجربة إلى تجربة ومن ظاهرة إلى أخرى، حيث ارتبط مفهوم القوة عند الفلاسفة منذ عهد أرسطو بأن القوة هي المؤثر الضروري لتحريك الأجسام، وأنه لا بد من وجودها واستمرارها لكي يبقى الجسم متحركاً.

أما في القرون الوسطى في عهد العالم نيوتن بيّن أنه لا يوجد حاجة لبقاء القوة لكي يستمر الجسم في حركة ثابته ومنتظمة، حيث توصل إلى هذه النتيجة بعد القيام بالعديد من التجارب العلمية، فمثلاً عندما ندفع قطعة معدنية فوق سطح أملس مثل سطح جليدي فإن القطعة سوف تستمر بالحركة بسرعة ثابتة وبالاتجاه نفسه دون الحاجة لقوة خارجية.

ومن خلال هذه التجارب والدراسات التي قام بها العديد من العلماء أبرزهم جاليليو ونيوتن تُعرّف القوة بأنها أي مؤثر خارجي يعمل على تغيير مقدار واتجاه سرعة الأجسام أو التغيير من شكله، مثل الضغط على قطعة إسفنج فإننا نغير من شكلها، وتقاس القوة بوحدة النيوتن، وذلك تكريماً للعالم نيوتن الذي عمل بشكل كبير على تفسير العديد من الظواهر المرتبطه بمفهوم القوة.

هنالك أنواع كثيرة من القوى والتي تظهر في ظواهر ومجالات مختلفة، ومن هذه القوى:

• قوة الجاذبية الأرضية: حيث توصل العالم نيوتن إلى مفهومها عندما لاحظ سقوط حبة تفاح في حقل، حيث تساءلَ عن سبب سقوطها إلى الأسفل وعدم صعودها إلى الأعلى أو بقائها معلقةً في الهواء، ومن خلال دراسته وأبحاثه أثبت أن الأرض لها جاذبية تؤثر من خلالها على جميع الأجسام الموجودة ضمن نطاقها فتجذبها نحو الأسفل وتعطيها أوزاناً، حيث إنّ وزن أي جسم له كتلة تساوي تسارع الجاذبية الأرضية في كتلة الجسم.
• قوة التلامس العمودية: عند وضع جسم على طاولة فإن هذا الجسم يتأثر بقوة جذب الأرض، ويكون اتجاهها نحو الأسفل، فما السبب الذي يجعل هذا الجسم مستقراً فوق الطاولة ولا ينزل إلى أسفلها؟ من خلال دراستنا لمفهوم القوة نلاحظ أن هنالك قوة تؤثر بشكل عمودي على المستويات التي يتلامس معها الأجسام، حيث إن هذه القوة هي المسؤولة عن بقائنا فوق سطح الأرض، لأنها تساوي بالمقدار وتعاكس بالاتجاه لأوزاننا.
• قوة الاحتكاك: عند دفع الأجسام على الأسطح المختلفة نواجه صعوبة في ذلك، فمثلاً عندما نقوم بدفع صندوق كبير على أرض خشنة يكون هنالك صعوبة في ذلك، أما عند دفعها على أرض ملساء فإننا نجد سهولة في نقلها فما السبب وراء هذه الصعوبة؟ وجد العلماء أن الأجسام المتلامسة تتداخل بينهما نتوءات تجعل من عملية الحركة في بادئ الأمر صعبة وسمي هذا التداخل بقوة الاحتكاك، حيث كلما كان التداخل أكبر والنتوءات أقوى تكون قوة الاحتكاك أكبر وأقوى.