ورد للغل معان كثيرة في معاجم اللغة ومن هذه المعاني: الحقد الكامن، والعداوة والضغينة، يقال:الغلّ والحسد يأكلان الحسنات، وفي قوله تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ}. ويقال أيضا: غلّ فلان: أي خان في المغنم أو مال الدولةوأخذ الأشياء في خفاء،{وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}.وغلّ في البلاد أي ذهب فيها.
الإسلام دين سمح،وعلى المسلمين أن يتحلوا بالأخلاق الحميدة ويبتعدوا عن الضغينة والحقد،فالقلب يمرض كما باقي الجسم، وعلينا نحن أن نعالجه ونبتعد عن الأمور التي تفسد القلب مثل الغل والحقد والضغائن. فكلما ارتقينا بأخلاقنا ومعاملاتنا مع الآخرين ارتقت عقولنا ونهضنا بمجتمعنا إلى الأفضل.
ولقد دعانا الله عز وجل في كتابه الكريم ورسولنا الكريم في سنته العطرةإلى التسامح وتنقية قلوبنا من الغل والحقد، فالله سبحانه وتعالى لا يرضى بغل المؤمنين بعضهم لبعض فقال عز من قائل: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [الأعراف:43] ونحن نعلم أن التسامح وترك الغل من شيم الصالحين ودعواتهم، قال تعالى على لسان الصالحين من عباده:{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر:10) فسلامة الصدر من الغل طريق إلى الجنة، فقد وصف الله تعالى أهل الجنة وأصحاب النعيم المقيم في الآخرة بأنهم مبرؤون من كل حقد وغل وإذا حدث أن أصابهم شيء منها في الدنيا فإنهم يطهرون منها عند دخولهم الجنة.
يقول الدكتور محمد البهي الأستاذ بجامعة الأزهر (رحمه الله ):إن الغِلَّ والحقد والحسد وما شابَهها من الصفات السوداء للنفس البشرية هي مصادر الشَّرِّ في المجتمع الإنساني. وهى في الوقت ذاته عوامل هدم وقضاء على الفرد والمجتمع معًا. فالفرد الحَقُود لا يعرف البناء بل طابَعه السلبيَّة ومحاولة تحطيم مَن هو أحسن منه وضعًا أو حالاً بعد أن يحطِّم نفسَه هو. فهيهات أن نسمو بفكرنا وعلمنا وصفاتنا لبناء مجتمع متماسك متسامح لا تشوبه شائبة ويكون الأفراد فيه جسما واحدا كل قائم على بعضه.
وقد ورد في كتاب المغني لابن قدامة مسألة يقول فيها: ولا يصلي الإمام على الغال من الغنيمة ، ولا على من قتل نفسه ) الغال : هو الذي يكتم غنيمته أو بعضها ، ليأخذه لنفسه ، ويختص به . فهذا لا يصلي عليه الإمام.
ويحرص الإسلام على تأليف القلوب ، وعلى إضفاء روح المحبة ، وعلى التآخي والاجتماع ، وعلى إصلاح ذات البين كما حرص على حماية صرح الأخوّة، فورد عن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله إخوانا ، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره ، التقوى ههنا - ويشير إلى صدره ثلاث مرات - بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه . رواه مسلم .
المقالات المتعلقة بما هو الغل