يقول الله سبحانه وتعالى: (الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ * يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ * فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ)، وقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى عن يوم القيامة، فقال سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ)، وفي هذا المقال سنتطرّق إلى يوم القيامة، وما فيه من أحداث.
كيف يوم القيامةلقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى عن يوم القيامة وأهواله فقال: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ) سورة الحج،1-2، وإلى غير ذلك من الآيات التي تدلّ على شدّة هول الأمر وفظاعته، ولذلك يكون المؤمن الذي بُشّر بالجنّة في قبره خائفاً وَجِلاً في الموقف، وحتى الأنبياء والمرسلون الذين يكونون في ظلّ الرّحمن في يوم القيامة فإنّهم يخافون من هول المشهد، ويفزع النّاس إليهم ليطلبوا من الله تعالى أن يفصل بينهم ويقضي، فكلّ منهم يقول نفسي نفسي.
وأمّا المؤمن فإنّه حين يأخذ كتابه بيمينه فلا يعلم حينها مصير سيّئاته، وهل سترجح على حسناته أم لا، وإن رجحت حسناته فإنّه لا يدري أيضاً ما يكون حاله على الصّراط، والنّبي - صلّى الله عليه وسلّم - يكون قائماً على الصّراط، وهو يقول: (ربّ سلم سلم، وذلك حتّى تعجز أعمال العباد، ويجيئ الرّجل ولا يستطيع السّير إلا زحفاً) ر رواه مسلم ، وفي الصّحيحين: (يضرب الصّراط بين ظهري جهنّم، فأكون أنا وأمّتي أوّل من يجيزها، ولا يتكلم يومئذ إلا الرّسل، ودعوى الرّسل يومئذ اللهم سلم سلم).
وبعد الصّراط ينتظر النّاس القصاص على قنطرة المظالم، وذلك كما في الحديث الذي رواه البخاري، عن أبي سعيد الخدري، أنّ النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - قال: (إذا خلص المؤمنون من النّار، حبسوا بقنطرة بين الجنّة والنّار، فيتقاصّون مظالم كانت بينهم في الدّنيا، حتى إذا نقوا وهذبوا أذن لهم بدخول الجنّة، فوالذي نفس محمد بيده، لأحدهم بمسكنه في الجنّة أدلّ بمنزله كان في الدّنيا).
قال الإمام القرطبي - رحمه الله - عن الصّراط في كتابه التذكرة: تفكّر الآن فيما يحلّ بك من الفزع بفؤادك إذا رأيت الصّراط ودقته، ثمّ وقع بصرك على سواد جهنم من تحته، ثمّ قرع سمعك شهيق النّار وتغيّظها، وقد كلفت أن تمشي على الصّراط، مع ضعف حالك واضطراب قلبك، وتزلزل قدمك، وثقل ظهرك بالأوزار المانعة لك من المشي على بساط الأرض، فضلاً عن حدّة الصّراط ، فكيف بك إذا وضعت عليه إحدى رجليك، فأحسست بحدّته واضطررت إلى أن ترفع قدمك الثّاني، والخلائق بين يديك يزلون، ويتعثرون، وتتناولهم زبانية النّار بالخطاطيف والكلاليب، وأنت تنظر إليهم كيف ينكسون إلى جهة النار رؤوسهم وتعلو أرجلهم، فيا له من منظر ما أفظعه، ومرتقى ما أصعبه، ومجال ما أضيقه، فاللهم سلم سلم.
وإنّ من ينجو من مرحلة معيّنة من الحساب فإنّه لا يدخل الجنّة مباشرةً، وذلك حتى يمرّ بباقي المراحل، إلا أنّه قد ورد النّص على أنّ بعض النّاس قد يُعفى من شيء منها، مثل أولئك الذين يدخلون الجنّة بغير حساب، لكنّهم سيمرّون على الصّراط، وحاصل ما ذكره العلماء في مراحل يوم القيامة ما يلي: حشر الخلائق جميعاً إلى الموقف العظيم، الشّفاعة العظمى، أخذ الكتاب بالأيمان والشّمائل، الميزان، الحوض، المرور على الصّراط، المرور على قنطرة المظالم، دخول الجنّة أو النّار. (1)
علامات يوم القيامةقال سبحانه وتعالى: (اقتربت السّاعة وانشقّ القمر) سورة القمر،1 ، وقال سبحانه وتعالى: (فهل ينظرون إلا السّاعة أن تأتيهم بغتةً فقد جاء أشراطها) سورة امحمد،18 ، أي جاءت علاماتها وأماراتها، قال الإمام البغوي رحمه الله: وكانت بعثة النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - من أشراط السّاعة، ولقد أكثر النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - من ذكرها، وذلك لأنّ أمرها يعتبر شديداً، وشأنها عظيماً، وقد فصّلها النّبي - صلّى الله عليه و سلّم - وذكر أماراتها، وأخبرنا عمّا سيأتي بين يديها من الفتن، ونَبّهَ الأمّة إلى ذلك، وحذّرهم ليتأهبوا لذلك.
وأمّا عن موعد السّاعة فإنّه ممّا انفرد الله عزّ وجلّ بعلمه، وقام بإخفائه عن العباد، وذلك لأجل مصلحتهم، وذلك لكي يكونوا على استعداد دائماً، قال العلماء: (علامات القيامة تنقسم إلى ثلاثة أقسام، قسم ظهر وانقضى، وهو الأمارات البعيدة، وقسم ظهر ولم ينقض، بل لا يزال في زيادة، والقسم الثّالث هي الأمارات الكبيرة التي تعقبها السّاعة، فمن العلامات التي انقضت بعثة النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - حيث قال:" بعثت أنا والسّاعة كهاتين، وأشار إلى إصبعيه السّبابة والوسطى) رواه البخاري، ومن القسم الثّاني الذي لم ينقض ما أخبر عنه الرسول - صلّى الله عليه وسلّم - في أحاديث كثيرة كقوله: (لا تقوم السّاعة حتى يكون أسعد النّاس بالدّينا لكع بن لكع)، رواه أحمد، ومنها: موت العلماء، وكثرة القتل، وفشو الجهل، وكثرة الفتن، وكثرة الزّلازل، ومنها التشبّه بالكفار، واستفاضة المال وفشو المنكرات، وفشو الرّبا، والزّنا، وخروج المتبرّجات، وغير ذلك، واشتغال رعاة الإبل البهم بالتطاول في البنيان، وأمّا القسم الثّالث: وهي الأمارات العظام، والأشراط الجسام التي تعقبها السّاعة مباشرةً فمنها: خروج الدّجال، ونزول عيسى بن مريم، وخروج المهدي، وخروج الدّابة، وخروج يأجوج ومأجوج، وطلوع الشّمس من مغربها. (2)
تقسيم علامات الساعةلقد قام العلماء بتقسيم علامات السّاعة حسب ظهورها إلى: (3)
(1) بتصرّف عن فتوى رقم 17787/ مراحل يوم القيامة وأهوالها/ 19-6-2002/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ islamweb.net
(2) بتصرّف عن فتوى رقم 283/ علامات يوم القيامة/ 23-4-2001/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ islamweb.net
(3) بتصرّف عن كتاب كشف المنن في علامات الساعة والملاحم والفتن/ محمود رجب الوليد/ مكتبة عباد الرحمن- جمهورية مصر العربية/ الطبعة الأولى
المقالات المتعلقة بكيف يوم القيامة