يشكّل القدوات من النّاس منارةً يهتدي بها البشر و يسترشدون في حياتهم الدّنيا ، فالنّفس بطبيعتها تحبّ النّظر إلى المثاليّة في كلّ شيء لكي تحاول الوصول إليها أو الاقتراب منها ، و في الحديث تقريرٌ لهذه الحقيقة في النّفس الإنسانيّة حين قال النّبي صلى الله عليه و سلم سدّدوا و قاربوا ، أي اسعوا نحو الأفضل و المثال فإن لم تستطيعوا فاقتربوا من ذلك قدر الإمكان ، و بلا شكّ بأنّ النّفس الإنسانيّة ضعيفةٌ قاصرةٌ مهما امتلكت من الصّفات الحسنة الجميلة ، و لكن هذه النّفوس تتمايز و تعلو على بعضها في درجات الدّنيا و الآخرة ، فدرجات الدّنيا هي مناصبها و جاهها ، و درجات الآخرة هي ما أعدّه الله تعالى لعباده المتّقين جزاءً لهم وفق أعمالهم ، فالإنسان و لكي يصل إلى درجة التّميز يجب عليه أن يكون قدوةً في حياته بأعماله و أقواله و سائر شأنه ، و إنّ النّاس أحياناً كثيرة ينظرون إلى المسلم الملتزم نظرةً تتّخذ منه قدوةً في أحيانٍ كثيرةٍ لافتراضهم بأنّه يحمل صفات تستلزم الاقتداء به ، و هذه القاعدة بلا شكّ لا تنطبق على جميع النّاس ، فبعض من يتّخذهم النّاس قدوةً لهم لا يكونون أهلاً لذلك ، و تراهم يخيّبون ظنّ النّاس ، و كم نرى في حياتنا المعاصره كثيراً ممّن ينخدع بهم النّاس بشكلهم و هيأتهم ، ليتبيّن أنّ ذلك إنّما هو قناعٌ يخفون وراءه سيء الأعمال و الأقوال ، فلكي يكون الإنسان قدوةً حقيقةً و فعلاً لا نظريةً أو قولاً عليه بما يلي
أن يتحلى بالأخلاق الحسنة الجميلة المحبّبة للنّاس ، فالنّاس يحبّون صاحب الخلق الرّفيع المستعلي بأخلاقه على صغائر الأمور و توافهها ، القادر على الصّفح عن الإساءة و العفو عن النّاس .
أن يكون متواضعاً في حياته و تعامله مع النّاس ، فالإنسان القدوة لا يكون متكبّراً لأنّ الاقتداء يلحقه التّشبه و الانقياد و هذه الأمور لا تتحقّق إلا إذا كان الإنسان متواضعاً .
أن يقتدي الإنسان السّاعي لأن يكون قدوةً بمن سبقوه من النّاس الذين تميّزوا و كانوا قدوةً للنّاس ، فكلّ إنسانٍ قدوةً تجد له قدوةً في حياته ، و إنّ المسلم الصّحيح يسعى للإقتداء بسيّد الخلق النّبي محمّد عليه الصّلاة و السّلام فهو في شخصيّته و رسالته على قمّة هرم الاقتداء و الأسوة الحسنة .