لا يُتخيّل أنّ هناك مهمة في الحياة أصعب من مهمة الأبوّة والأمومة سواء كان ذلك في مرحلة الحمل التي تستمر عادة تسعة شهور إلى مرحلة الولادة والتربية والتعليم، وفالوالدان يسعيان لتوفير ما هو أفضل لأبنائهم، ويقدّمان الحب والعطف، ويكونان سنداً لأبنائهم في الحياة، فالحب بين الوالدين وأبنائهم هو أنقى أشكال الحب وأصدقها، يكون حباً خالياً من الرياء والمصالح المشتركة، فهو عطاءٌ مستمرٌ بدون مقابل وهو تضحية واستعدادٌ لفداء كلٍّ منهم بروحه في سبيل الآخر. ونحن الأبناء نفكر بطريقة لإسعاد آبائنا، ونحاول أن نكون دائماً مصدر فخر لهما، لنصل إلى هذه اللحظة التي نرى فيها بريق السعادة في أعينهما، وحتى نسمع منهما كلمة الرضى، ولكن الحياة أحياناً تفاجئنا بعكسها، وتخطف منا أعز ما لدينا، ولكن الموت لا يمنعنا من التفكير بهما، وكم كنا سنكون سعداء لو عرفنا أنّ بإمكاننا أن نسعدهما، ونبرّهما حتى بعد الموت.
قال تعالى : "وقضى ربك ألّا تعبدوا إلّا إياهُ و بالوادين إحساناً" فقد أمرنا الله تعالى إلى جانب عبادته أن نحسن إلى والدينا، ونبرّهما وقد جعل برّهما بعد مرتبة عبادته، فبر الوالدين هو أن تحسن إليهما وتحفظهما وتعاملهما باحترام وتقدير، بالإضافة إلى تقديم الرعاية لهما.
بر الوالدين بعد وفاتهماهنيئاً لمن يعامل أهله ووالديه ببر وإحسان، ولكن للأسف هناك أشخاص شغلتهم الحياة، ونسوا أهلهم إلاّ في المناسبات والأعياد، فلا يجنون إلّا الندم والحسرة، عندما يخطف الموتُ أحبتهم، ولكنّهم يستطيعون تعويض ذلك، حيث يُذكر في الحديث أنّه جاء رجلٌ إلى سيّدنا محمدٍ عليه الصلاة والسلام وسأله: "هل بقي من برّ أبوَي شيء أبرّهما به بعد وفاتهما؟ فقال صلى الله عليه وسلم: الصلاة عليهما والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما"، ومن هذا الحديث الشريف نستنتج أنّ طرق بر الوالدين بسيطةٌ، وتتلخّص في الأعمال التالية:
المقالات المتعلقة ببر الوالدين بعد وفاتهما