في زمنِ الإمبراطورالروماني ديقيانوس مورست سياسة الاضطهاد والإرهاب والتعذيب في أوائلِ المؤمنين بالديانةِ المسيحيّةِ، وكان في زمان ذلك العهد مجموعةٌ من الفتية حاولوا التصدي لظلم ديقيانوس وطغيانه، إذ اتّسم عهد ديقيانوس بالفسادِ وضلّ قومه عن الصراط المستقيم وعبدوا غير الله تعالى، غير أنّ الفتية رفضوا السجود لغير الله تعالى وحذّروا قومهم أكثر من مرّة بعدم ترك دين الله والابتعاد عنه، ولكنّ الامبراطور الظالم توعدهم بالقتل إن استمرّوا بالدعوة إلى الله تعالى، ومع اشتداد الظلم وإعراض قومهم عن دعوتهم ترك الفتية مساكنهم وقرروا النجاة بدينهم وأنفسهم ولجؤوا إلى مكان آمن يعبدون فيه الله تعالى.
الكهف الذي لجأ إليه الفتية بصحبة كلبهم كان الملاذ الآمن لهم لعبادة الله تعالى ونيل رضاه، وأحسّ الفتية بالنعاس بعد وصولهم وجلسَ الكلب على بابِ الكهف ليحرسهم، ولكنّ حكمة الله شاءت أن يغطّوا في نومٍ عميقٍ لثلاثمئة وتسع سنين كما ذكر في سورة الكهف، وكانوا يتقلبون أثناء نومهم حتى لا تهترئ أجسادهم وكانت الشمس تتحوّل عنهم دون أن تصيبهم، والناظر إليهم يصيبه الخوف والهلع منهم، وبعد استيقاظهم من سباتهم ضربَ الله مثلاً واقعياً لبني البشر بقدرة الله تعالى على البعث وإعادة الحياة في الأجساد.تساءلَ الفتية بين بعضهم عن المدة الزمنية التي قضوْها وهم نيامٌ فقال بعضهم نمنا يوماً أو بعض، وقد كانوا حينها في جوعٍ شديدٍ فأجمعوا أمرهم بينهم بإن يرسلوا أحدهم للمدينة ليأتي لهم بالطعام ولكن أن يكون حذراً لكي لا ينكشف أمرهم، وشاءت قدرة وحكمة الله عزوجلّ أن ينكشف أمر أولئك الفتية في ذلك اليوم وقد أصبح قومهم صالحين بعد أن فني الملك الفاسد وآمن أهل مدينتهم وعبدوا الله تعالى، وقد عرفهم قومهم وأيقنوا قدرة العزيز الجبّارعلى البعث والإحياء وعندها قبض الله أرواحهم لأنّ لكلّ شيء أجلٌ ولا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون إلا بأمرٍ من الله، فأجمع الناس أمرهم بينهم ليتخذوا عليهم مسجداً، وبقي عدد أصحاب الكهف في علم الله تعالى وقد أخبرنا الله عزوجلّ ذلك في سورة الكهف بقوله تعالى: ( سَيَقولونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعهمْ كَلْبهمْ وَيَقولونَ خَمْسَةٌ سَادِسهمْ كَلْبهمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ ۖ وَيَقولونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنهمْ كَلْبهمْ ۚ قلْ رَبِّي أَعْلَم بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمهمْ إِلَّا قَلِيلٌ ۗ فَلَا تمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهمْ أَحَدًا (22) وَلَا تَقولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَٰلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّه ۚ وَاذْكرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقلْ عَسَىٰ أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَٰذَا رَشَدًا (24) وَلَبِثوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادوا تِسْعًا (25) قلِ اللَّه أَعْلَم بِمَا لَبِثوا ۖ لَه غَيْب السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ۚ مَا لَهمْ مِنْ دونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يشْرِك فِي حكْمِهِ أَحَدًا (26) وَاتْل مَا أوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ ۖ لَا مبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دونِهِ ملْتَحَدًا (27)
موقع كهف أصحاب الكهفاهتمّ الباحثون وعلماء الآثار ورجال الدين بمعرفة أين يقع الكهف الذي لجأ إليه الفتية في ذلك الزمن الرومانيّ، وبدؤوا بالبحث في جميع الأماكن التي كانت تحت سيطرتهم في تلك الحقبة ووضعوا الاستنتاجات التالية التي تدلّنا على موقع الكهف استناداً إلى الدراسات التاريخيّة والأثرية:
المقالات المتعلقة بأين موقع أصحاب الكهف