الهداية لا شكّ بأنّ الهداية إلى الحقّ والطّريق المستقيم غاية كلّ مسلمٍ صادقٍ يريد رضا ربّه جلّ وعلا والجنّة؛ فالهدى هو طريق الجنّة وسبب دخولها، والضّلال هو طريق النّار وسبب دخولها، وقد جعل الله سبحانه وتعالى للهدى طريقًا واضحًا ومنهجًا محكمًا ووسائل تؤدّي إليه كما جعل للضّلال طريقاً. قال تعالى (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ) {البلد: 10}، وعلى الإنسان الحكيم الذي يَسعى للنّجاة بنفسه من اختبارات هذه الدّنيا وفتنها أن يختار طريق الهداية بتتبّع وسائلها والطرق المؤدّية إليها، فما هي الوسائل المؤدّية إلى الهداية؟
وسائل مؤدّية للهداية - توحيد الله تعالى؛ فمن الوسائل المؤدّية إلى الهداية للطّريق المستقيم أن يحرص المسلم على لزوم طريق التّوحيد والبعد عن الشّرك ظاهره وخفيّه حتّى يحقق التّوحيد الخالص لله تعالى، ولا شكّ بأنّ الحرص على توحيد الله يوفّق المسلم للطّريق المستقيم في عبادته ومنهجه في الحياة، وتعامله مع الخَلق.
- الدّعاء؛ فمن أهم أسباب ووسائل الهداية اللّجوء إلى الله تعالى بالدّعاء والذّكر، فالمسلم يردّد آية: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ){الفاتحة6} في صلاته مرّاتٍ عديدةً، وهو يرجو تلك الهداية إلى البرّ والخير والطريق المستقيم الذي لا اعوجاج فيها، وهو في دعائه يعلم يقينًا أنّ من يملك هداية القلوب هو الله تعالى وحده، وما البشر إلاّ أسباب وأدوات لتحقيق إرادة الله تعالى ومشيئته، وفي الحديث القدسي الشّريف قول ربّ العزّة (يا عبادي كلّكم ضالٌّ إلاّ من هديته، فاستهدوني أهدكم)، وفي الآية الكريمة (وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ) {الأحزاب: 4}.
- القرآن الكريم؛ فالقرآن الكريم الذي هو كتاب الله المعجِز المتعبّد بتلاوته من أعظم الوسائل في الوصول إلى الهداية والرّشد بما تشتمل عليه آياته من المعاني العظيمة الدّالة على الحقّ، وما فيه من الأمثال التي تفيض حجّةً ومنطقًا، وما يتضمّنه من التّوجيهات الأخلاقيّة والقيم السّامية النّبيلة التي تحثّ على الخير والمعروف، وتنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، قال تعالى (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ){ الإسراء: 9} .
- الصّحبة الصّالحة؛ فمن وسائل الهداية كذلك انتقاء الأصحاب واصطفاء ذوي الألباب، (فالمرء على دين خليله) كما قال النّبي -عليه الصّلاة والسّلام-، وبالتّالي على المسلم الحريص على الهداية، أن يحرص على أن يكون خليله صالحًا لأنّ الخليل الصّالح يحثّ خليله على اتباع طريق الهدى، ويتناصح معه بالبرّ والخير والتّقوى، وينهاه عن الفحشاء والمنكر واتباع طريق الغواية والضّلال، وقد ضرب الله سبحانه وتعالى مثلًا فيمن اتخذ خليلًا ضالّاً صرفه عن الهدى في الدّنيا، فوقع منه النّدم على ذلك يوم القيامة، قال تعالى (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً¤يَا وَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلاً¤ لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً){الفرقان 27-29} .