الصداقة من أجمل العلاقات الإنسانيّة، فهي تعبّرعن ترابط صادق ومتين بين البشر، وترابط نفسيّ، وحسّي بين شخصين أو أكثر؛ ولأنّ الصداقة كلمة مأخوذة من الصدق، فهي علاقة الثقة المتبادلة، والإخلاص، والمحبّة، والتعاون، والاحترام، وتقديم المساعدة والعون دون انتظار مقابل، أو أيّ مصلحة شخصيّة، الصداقة قد تبدأ من الطفولة، وأحياناً نجد الأصدقاء في المدرسة، أو الجامعة، أو الحياة المهنيّة؛ في النهاية نحن دائما نبحث عن صديق بمعنى الكلمة يبقى صديقاً لآخر العمر.
الصديق الحقيقي هو الشخص الذي تتصرف أمامه بعفويتك دون أن تشعر بالإحراج أو سوء الفهم بينكما، ولا يظنّ بك ظنّ السوء، ويراعي الظروف والمواقف التي تمرّ بها، وإن حدث خلاف وأخطأت بحقه يقبل اعتذارك ويسامحك، ولا يتردد في تقديم المساعدة لك في أي وقت، ويقف بجانبك في الأحزان والأفراح، والسراء والضراء، ويساندك عند الشدائد، ويخفّف عنك أوجاعك وجروحك، ويقدّم لك النصائح، ويسهل لك طريق الصواب ويشجعك على العمل الصالح، يبتسم في وجهك عند لقائك ويسبقك بالسلام عند رؤياك، يحبّك دون أيّ مصالح حسية أو ماديّة، ويدعو لك في ظهر الغيب دون معرفتك بذلك، ويتمنّى لك الخير ويفضّلك على نفسه، يذكرك بالكلام الطيّب في غيابك، ويحترمك في حضورك، ولا يقلّل من شأنك بين الناس؛ وحين تكون معه تفتخر به أمام الناس بعلمه، وأدبه، ونجاحه، وأخلاقه، ومبادئه.
يؤثر الأصدقاء على حياة بعضهم البعض دون شعورهم بذلك، فمثلاً قد يأثرون على بعضهم من الناحية الإيجابية، حين يحاول أحدهم تقليد ومنافسة صديقه لإعجابه بطريقة تنظيمه لوقته بين عمله، ودراسته، وممارسته لنشاطاته، أو قد يتأثر بعض الأشخاص بأسلوب صديقه في معاملة أهله وحرصه على رضا والديه، وأيضاً قد يؤثّر الأصدقاء على بعضهم بطرق سلبيّة، واتخاذ قرارات خاطئة، ونصائح ليست في وقتها ولا مكانها الصحيح، مثل اقتراح أحد الأصدقاء الغياب عن العمل وتضييع الوقت دون فائدة، أو أن يتحداك أحد الأصدقاء في سباق سيارات في أحد الشوارع العموميّة الخطرة، وفي نهاية الأمر قد يتسبّب هذا السباق بحدوث المتاعب والحوادث؛ لذلك يجب على الإنسان أن يكون ذا شخصية قويّة، ولا يتأثر بكلّ ما يواجه أو يسمع.
الصداقة نعمة عظيمة ذات قيمة عالية لا تقدّر بثمن، مهما اعتزل، وابتعد الإنسان يبقى دائماً بحاجة إلى صديق يسمعه، ويقف إلى جانبه، ويشكو له همه، وحزنه، ويفرح عند فرحه، ويشجّعه عند نجاحه، ويشدّ على يده عند أزماته.