مفهوم عالمية الإسلام لغة واصطلاحاً

عالمية الإسلام

تميّزت رسالة الإسلام عمّا قبلها من الرّسائل والشّرائع السّماويّة بخصائص عدّة منها أنّها جاءت رسالة عالميّة ففي حين أرسل الله سبحانه وتعالى كثيراً من أنبيائه ورسله إلى أقوامهم خاصّة، جاء النّبي محمّد عليه الصّلاة والسّلام إلى النّاس كافّة بشيراً ونذيراً، قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً) [سبأ:28]، فما هو معنى عالميّة الإسلام لغةً واصطلاحاً؟

معنى العالمية لغة واصطلاحاً

عالميّة الإسلام في اللّغة تعني الشّموليّة والعموم بعيداً عن الخصوصيّة والحصر، فحينما تقول أنّ هذا الخبر أو الأمر عالمي فهذا يعني أنّه يتعلّق بالعالم ككلّ بما فيه من اختلافاتٍ وتنوّع، أمّا في الاصطلاح فعالميّة الإسلام هي خاصيّة من خصائص الرّسالة المحمّديّة التي تميّزت بها عمّا سبقها من الشّرائع والرّسائل السّماويّة، فعالميّة الإسلام اصطلاحاً معناها أنّ رسالة الإسلام وشريعته قد جاءت للعالمين إنساً وجناً، على اختلاف ألوانهم، وأعراقهم، وأجناسهم، وإنّ هذا المعني يعني أنّ خطاب هذه الرّسالة قد جاء للنّاس كافّة بحيث يلزم كلّ إنسان سمع بهذه الرّسالة أن يؤمن بها كرسالة خاتمة ختمت جميع الرّسائل السّماويّة التي سبقتها.

متطلبات مفهوم العالمية في حياة المسلمين

لا شكّ أنّ مفهوم عالميّة الإسلام يتطلّب من المسلمين عدداً من الأمور نذكر منها:

• الإيمان اليقيني بأنّ رسالة الإسلام هي رسالة عالميّة وليست برسالةٍ خاصّة لأقوامٍ معينين، وإنّ هذه الإيمان يكون دافعاً للمسلم حتّى يشحذ هممه ويشمّر عن ساعده لبذل الجهد من أجل تبليغ دعوة الله إلى النّاس.
• الإيمان بصلاحيّة هذه الدّعوة العالميّة لكلّ زمانٍ ومكان، فأحكام شريعة الإسلام متجدّدة متكيّفة مع التّغيّرات والثّورات الفكريّة والتّكنلوجيّة وقادرة على مواكبتها، وتقديم الحلول المناسبة لمشاكل العالم ومعضلاته.
• تعميم الخطاب الدينيّ عند الدّعوة إلى الله تعالى، فالنّبي عليه الصّلاة والسّلام حرص على أن يكون خطابه خطاباً عامّاً للنّاس كافّة، لذلك لم يستخدم عليه الصّلاة والسّلام عبارة يا أيّها العرب وإنّما كان خطابه في حجّة الوداع خطاباً شاملاً لكافّة شرائح النّاس حيث كان يستفتح كلامه ومواعظه بقوله يا أيّها النّاس، وبالتّالي على المسلمين أن يدركوا هذا المعنى في دعوتهم لغيرهم بحيث يكون خطابهم الدعوي شاملاً غير متحيّز لجنسٍ أو عرقٍ أو فئة، خطاباً مدركاً لخصوصيّة كلّ شعبٍ من شعوب العالم.
• إزالة العوائق التي تقف حائلاً أمام تبليغ دعوة الله إلى النّاس، لذلك كان المسلمون الأوائل يقاتلون من يقف حاجزاً أمام دعوة الله، ويفتحون الأمصار في سبيل أن يتحقّق مفهوم عالميّة الإسلام ببلوغ خبرها إلى النّاس كافّة، وفي عصرنا الحاضر فإنّ على المسلمين أن يحرصوا على إزالة جميع العوائق النّفسيّة والمادّيّة التي تقف حائلاً أمام دعوة غيرهم إلى الإسلام.