يُقال برّ يَبَرُّ فهو بارّ أي مُحسن، وبرّ أباه إذا أطاعه وأعانه وأحسن إليه وتحرّى ما يحبّ وابتعد عمّا يكره ورفق به، والبرّ الخير والإحسان والفضل، وأول ما يقترن بالبر الوالدان؛ فأعظم درجات الإحسان والفضل يكون مع الوالدين، كيف لا وهُما سبب وجودنا المادي في هذه الحياة الدنيا بإذن الله تعالى، وهما صاحبَا الفضل علينا في التربية والتنشئة منذ الصغر، سهرا علينا وكابدا وتحمّلا من أجلنا، وبذلا من جهدهما ومالهما ما يُعينهما على الاعتناء بنا وتوفير سبل الخير والراحة والسلام لمعيشتنا، إنّهما أحق الناس بحُسن صحابتنا.
البرّ عكس العقوق الذي يُمثّل الإساءة وإهمال الحقوق وتضييعها، ويدخل في معناه كل ما يتأذّى منه الوالدان ويُغضبهما، وهو من أشدّ الكبائر في ديننا. قال تعالى: (وقضى ربّك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانًا إما يبلغنّ عندك الكِبَر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍّ ولا تنهرهما وقل لهما قولًا كريمًا ، واخفض لهما جناح الذلّ من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرًا) [الإسراء:٢٣،٢٤].
قرن الله سبحانه وتعالى عِبادته وشكره ببرّ الوالدين والإحسان إليهما، وإنّها لمَنزلةٌ عظيمة يوليها الإسلام للوالدين، فيوجب علينا شكرهما والرّفق بهما، ومهما قدّمنا لهما من الخير والبر يُخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أننا لن نستطيع أن نكافِؤهما ونجازيهما حقّهما مقابل فضلهما علينا إلا إذا أعتقناهما من بعد رِقّ وخلّصناهما من العبودية، وكأننا حينئذٍ نغدو سببًا في تخليصهما وإيجادهما معنويًا من عدم -فالرقيق كالمعدوم- .
مظاهر بر الوالدينالمقالات المتعلقة بمفهوم بر الوالدين