القضاء يُعرّف القَضاء في الّلغة بأنّه: الحُكْم، ويعود أَصله إلى قَضايٌ لأَنه من قَضَيْت، وجمعه أقْضِيةُ، والقَضِيَّةُ نفس الشيء، والجمع منها قَضايا على وزن فَعالَى، حيث قال أَبو بكر: قال أَهلُ الحجاز: القاضي يُقصد به في الّلغة القاطِع للأُُمور والمُحِكم لها. واسْتُقْضِي فلان أَي أصبح قاضِياً يحكم بين الناس. والقَضايا هي: الأَحكام، يقال: قَضَى يقضي قَضاءً، فهو قاضٍ أي حَكَم وفَصَلَ.
وأمّا تعريفُ القضاء اصطلاحاً فقد تعددت فيه التعريفاتُ، نذكرها حسْبَ المذاهب الأربعة، وهي كالتالي:
- جمهور الحنفيّة عرفوه بأنّه: ((فصلُ الخصومات، وقطع النزاعات بشكل خاصّ)) ، وعرفه البعض بأنّه: ((قول مُلزّم يصدر عن ولاية عامة)).
- جمهور الحنابلة جمعوا بين التعريفيْن السابقين للحنفية، فقالوا بأنّه: ((فصل الخصومات وقطع المنازعات على وجه الخصوص، ويصدرعن الولاية العامّة)).
- جمهورالمالكيّة عَرّفوا القضاء بأنّه: ((الإخبار عن حكم شرعيّ على سبيل الإلزام)).
- جمهور الشافعية عرفوه بأنّه: ((فصل الخصومات بين خصميْن أو أكثر بحكم الله تعالى)).
شروط صلاحية القاضي لتولي القضاء اجتهدَ العلماء المسلمون في موضوع مَن يتولّى القضاء بأنْ تتوافرَ فيه الشروطُ التالية:
- البلوغ والعقل: فلا يجوزُ أن يتولّى القضاء شخصاً مجنوناً أو طفلاً صغيراً.
- الإسلام: فلا يجوز تولية الكافر القضاء بين المسلمين.
- الذكورة: فلا يجوز تولّي القضاء لامرأة، قال: ((عندما علم أنّ أهل فارس ملكوا عليهم بنت كسري لتحكم: لن يفلح قوم ولُّوا أمرهم امرأة)) "البخاريّ والترمذي والنسائي وأحمد". وبالرغم من ذلك فقد أجاز العديدُ من الفقهاء قديماً وحديثاً أنْ تتولّى المرأة القضاء على أساس أنّ المقصود بالولاية في الحديث السابق هي الولاية العامّة، ولكن لم يحدث أن امرأة تولت القضاء في عصر الخلافة الإسلاميّة، وذلك أنّ القضاء يجب أن يكون التحكيم فيه بالعقل، أمّا المرأة فغالباً ما تحكم بالعاطفة.
- سلامة الحواسّ: أي أن يكون سليمَ الحواس، فلا يصّح أن يتولّى القضاء شخصٌ أصمّ، أو أعمى، أو أبكم.
- الشهادة له بالفطنة والذكاء والخبرة والمعرفة بأحوال الناس: حتى لا يُخدعُ من قبل الظالم، أو أحد المتخاصمين.
- التقاء والعدل: فلا يجوز أن يتولّى القضاء شخصاً فاسقاً، وإلا فسوف تضيع حقوق الناس.
- العلم: أي أن يكون عالماً بالقرآن وبالسنة والسنة النبويّة، وآيات الأحكام وأحاديثها، وباللغة، والقياس، وبآراء الفقهاء والسلف.
- الأهليّة: ويقصد بذلك أنْ يكون الشخص أهلاً للقضاء، وبمعنى آخر أنْ يكون الشخص قويّاً وقادراً على أن يتحمّل هذه المسؤوليّة.
- الاجتهاد : أي أن يحاول أن يجتهد في الأمور التي ليس فيها أيُّ نص من القرآن، أو السنة النبويّة، أو القياس، أو اجتهاد مَن له حقّ الاجتهاد، فهنا يجتهدُ القاضي برأيه، وله الأجرُ مقابلَ الاجتهاد.