ورد ذكر قصة ذي القرنين في سورة الكهف في القرآن الكريم، وهو ملكٌ صالحٌ مؤمنٌ موحِّد، آمن بالله تعالى وبالبعث والحساب، وأقام العدل وأعان المظلوم، واستخدم القوّة التي أعطاه إيّاها الله في التعمير والإصلاح، وطاف مشارق الأرض ومغاربها لنشر الإسلام وقهر الكفر، وقد مكّن الله تعالى له في الأرض، وأمدّه بالأسباب من المال والقوّة والجيش، ويسّر له فتوحاته في المشرق والمغرب، ومع كلّ هذه القوة والتمكين في الأرض، لم يطغَ ذو القرنين ولم يتجبّر، وكان يُرجع كلّ خير حقَّقه الله تعالى على يديه إلى فضل الله تعالى ورحمته.
سبب تسمية ذي القرنين بهذا الاسم له وجهان أوَّلهما: أنَّه ملك وصل مشرق الأرض ومغربها، أي أنّه بلغ قرنيّ الشمس من مشرقها ومغربها، وثانيهما: أنّه كان يملك قرنين أو ذؤابتين على رأسه، والقول الأوَّل هو الراجح.
قصة ذي القرنينوردت قصة ذي القرنين فقط في القرآن الكريم، وقد سجّل السياق القرآنيذ ثلاث رحلاتٍ لذي القرنين: الأولى إلى الغرب، والثانية إلى الشرق، والثَّالثة إلى مكانٍ بين سدين، وقد كان ذو القرنين الملك الصالح يطوف بجيشه أرجاء الأرض لنشر الإسلام، فاتّجه أولاً إلى أقصى الغرب، إلى الناحية التي تبدو الشمس كأنّها تغرب عندها، فأوحى الله تعالى إليه أنّه مالك هذه البلاد، وله الأمر على هؤلاء القوم، وله الخيار في معاملتهم، فإمَّا أن يحسن إليهم وإمَّا أن يعذّبهم، فوضع ذو القرنين منهجه ودستوره العادل في الحكم، وهو معاقبة الظالم المسيء، والإكرام والإحسان إلى المؤمن.
ثمَّ اتَّجه ذو القرنين بعد ذلك إلى أقصى الشرق، وكانت أرضاً مكشوفةً لا يوجد فيها مرتفعاتٌ ولا أشجارٌ تحجب نور الشمس، فحكم ذو القرنين في هذه القوم بنفس منهج حكمه السابق لأهل الغرب، ثمّ انطلق ذو القرنين بعدها حتّى وصل إلى منطقةٍ بين جبلين أو سدّين متقابلين، فيها قومٌ ضعفاء، طلبوا منه حين رأوا قوته ومُلكه أن يبني لهم سدّاً يصدّ عنهم شرّ قومٍ يقال لهم (يأجوج ومأجوج) مقابل خراجٍ من المال، وقوم يأجوج ومأجوج قبيلةٌ كانت تعتدي على جيرانها بالسّلب والنّهب، فطلب ذو القرنين من القوم الضعفاء أن يساعدوه في بناء الردم، وتعفّف عن مالهم.استخدم ذو القرنين في بناء الرّدم طريقةً مميّزة، فجمع الحديد وركمه في الفجوة بين السّدين وهو الممر الذي كان يأجوج ومأجوج يُغيرون على الضعفاء منه، حتّى وصل ارتفاع الركام إلى ارتفاع قمة الجبلين، ثمّ أوقد النار عليه، وسكب عليه نُحاساً مذاباً؛ لتقويته وزيادة صَلابته، فسُدّت الفجوة بين الجبلين، وأَمِن القوم الضعفاء شرّ قوم يأجوج ومأجوج، الذين لم يستطيعوا تسلُّق أو ثقب الجدار، وهذا السدّ الذي بناه ذو القرنين سيبقى قائماً إلى أن يأتي الوقت المحدّد لخروج يأجوج ومأجوج، وذلك عند دُنو الساعة، كما قال تعالى: (قَال هذا رَحمَةٌ مِن رَبِّي فَإِذا جَاءَ وَعدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءً وَكَانَ وَعدُ رَبٍّي حَقًا) [الكهف: 98].
ذو الفرنين هل هو الاسكندر المقدونيّيظنُّ كثير من الناس بأنّ ذي القرنين الوارد ذكره في القرآن الكريم هو نفسه الاسكندر المقدونيّ الذي بنى الاسكندرية، وغزا الصين والهند، وقهر الفرس، إلَّا أنَّ كثيراً من العلماء ذهبوا إلى بُطلان هذا القول ونفي صحته؛ لأدلة عدَّة منها أنَّ الاسكندر كان كافراً، وكان من اليونان، أمّا ذو القرنين فكان ملكاً صالحاً مؤمناً من العرب، كما أنّ هناك اختلافاً بين زمن الاسكندر الذي كان في وقت عيسى عليه السلام، أمَّا ذو القرنين فكان قبله بحوالي ألفيّ سنةٍ في عهد النبي إبراهيم عليه السلام.
المقالات المتعلقة بمعلومات عن ذي القرنين