عندما جاء النّبي صلّى الله عليه و سلّم بشريعة الإسلام الخالدة ، جاء لإخراج النّاس من ظلمات الشّرك و الضّلال و الجهل إلى نور الهدى و الرّشاد ، و قد بيّن النّبي الكريم أنّ من مقاصد بعثته عليه الصّلاة و السّلام إكمال أخلاق النّاس و زرع الخصال الحميدة فيهم ، و تحقيق مجتمعٍ تسود أفراده المحبّة و الوئام و السّلام ، لذلك نهى ديننا عن التّناحر و الخلاف بين المسلمين و بيّن أنّ حال المسلمون كحال الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسّهر و الحمى ، و في الحديث أنّ المسلمون يدٌ على من سواهم و يسعى بذمتهم أدناهم ، و لا ريب أنّ الخلاف بين المسلمين يساهم في زرع الشّقاق بينهم و تفكّك المجتمع ، و حين يحصل ذلك تضعف الدّولة الإسلاميّة و تصبح غير قادرةٍ على مواجهة الأعداء و غير قادرةٍ على النّهوض و الرّقي و التّطور ، و قد حذّر الله سبحانه و تعالى من الخلاف و التّفرق و بيّن أنّه سبب للضّعف و استقواء الأعداء على الأمّة ، قال تعالى ( و اعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرّقوا ) ، و في الآية الأخرى ( و لا تنازعوا فتفشلوا و تذهب ريحكم ) ، فوحدة الأمّة بجميع مكوناتها هي عامل قوّة و منعة تعطي المسلمين هيبةً في نفوس أعدائها .
و قد حرّم ديننا الإسلامي هجر المسلم لأخيه المسلم أكثر من ثلاث ليالٍ ، و إن حكم الهجر هو التّحريم إذا زاد عن المدّة المذكورة إلا هجر الزّوج زوجته في المضجع حتّى تعود عن نشوزها ، فهجر الزّوجة غير جائزٍ إلا في حالةٍ واحدةٍ و هي مخالفة أمر زوجها و ترفّعها عنه و لا يتمّ الهجر إلا بعد استنفاذ وسيلة العظة حيث يعظ الزّوج زوجته و يذكّرها بالله و بحقه عليها ، فإذا لم يفلح ذلك هجرها في المضطجع فقط و من منّا لم يختلف مع أحد يوماً من الأيام و ربّما تطور الخلاف بينهما إلى هجرٍ بعد الأحيان ، و لكن العبرة هي في الرّجوع إلى الحقّ و المسامحة ، و قد جعل الله سبحانه و تعالى خير المختلفين من يبدأ أخوه بالسّلام ، فلا يجوز إذن للمسلم هجر أخوه فوق ثلاث ليالٍ كما في الحديث ، أمّا ما يترتّب على هجرهما بعضهما البعض أنّ الله سبحانه لا يستجيب دعاء أحدهما حتى يصطلحا ، و أمّا آثار الهجر فوخيمةٌ على الفرد و المجتمع و تسبب التّناحر و الخصام بين النّاس .
المقالات المتعلقة بما حكم الهجر