لتسألن يومئذ عن النعيم

لتسألن يومئذ عن النعيم

تتعدد نعم الله علينا والتي نحصيها ولا نحصيها، نعمٌ كثيرة في أنفسنا وفي أبناءنا وفي أموالنا، نعمٌ يفتقدها الكثيرين، ونظن أنه لا يوجد سخطٌ إلا علينا، ونتناسى نعمة الله علينا، أنعم علينا بالصحة والمال والأولاد والستر والعفاف والدين ثم يقول أحدهم ماذا أخذت من الدنيا إني لا أملك شيئًا، فهذا الجحود لن يدوم طويلًا لأنه سوف يُسأل يوم القيامة عن هذا النعيم الذي لم يذكر منه شيئا والذي يتناساه دومًا.

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:"ألهاكم التكاثر، حتى زرتم المقابر، كلا سوف تعلمون، ثم كلا سوف تعلمون، كلا لو تعلمون علم اليقين لتروّن الجحيم، ثم لتروّنها عين اليقين ثم لتُسألُن يومئذٍ عن النعيم"

ففي تفسير هذه الآية الكريم وعن هذا الجحود رأى العلماء أنها موجهة لفريقين:

الفريق الأول رأى أنها موجهة للكافرين الذين غاصوا في الحياة في كل تفاصيلها والذين يتفاخرون بينهم بالمال والبنين، وبالحضارة والتقدم ويتنافسون على ذلك ، ولم يفكروا مرة واحدة أن يفكروا بمن أعطاهم هذه النعم  ومنع منها غيرهم، فهذه الآية تسلط الضوء عليهم، والفريق الذي يرى ذلك يستشهد بالحديث النبوي الشريف أنه ما روي أن أبا بكر لما نزلت هذه الآية ، قال : يا رسول الله ، أرأيت أكلة أكلتها معك في بيت أبي الهيثم بن التيهان من خبز شعير ولحم وبسر وماء عذب أن تكون من النعيم الذي نسأل عنه ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : إنما ذلك للكفار ، ثم قرأ : ( وهل نجازي إلا الكفور )  .

أما الفريق الثاني الذي ذهب إلى أن هذه الآية ليست موجهة للكافرين وحدهم فحسب؛ بل هي موجهة للكافر والمؤمن كلٌ على حدا، فالكافر ألهته الدنيا بأكملها عن الله سبحانه وتعالى، والمؤمن تلهيه بعضٌ من الدُنيا فيتناسى فضل الله عليه أحيانًا، والدليل الذي استشهدوا فيه أنه روى أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة عن النعيم فيقال له : (ألم نصحح لك جسمك ونروك من الماء البارد).

وفي حديثٍ آخر أنه لما نزلت هذه السورة قالوا : يا رسول الله عن أي نعيم نسأل ؟ إنما هما الماء والتمر وسيوفنا على عواتقنا والعدو حاضر ، فعن أي نعيم نسأل ؟ قال : إن ذلك سيكون وروي عن عمر أنه قال : أي نعيم نسأل عنه يا رسول الله وقد أخرجنا من ديارنا وأموالنا ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : "من أصبح آمنا في سربه معافى في بدنه وعنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها"

فأن يكون الإنسان على قيد الحياة فهذه نعمة كبيرة من الله عليه، ولينظر كلٌ منا حوله وسيجد من النعم الكثيرة التي نزدريها ونجحدها والعياذ بالله، فيجب الرجوع عن ذلك، والتمسك بشكر الله في كل الأحوال.

المقالات المتعلقة بلتسألن يومئذ عن النعيم