ولا تحسبن الذين قتلوا

ولا تحسبن الذين قتلوا

الحمد لله نحمده ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلامضلّ له، ومن يضلل فلن يجد له ولياً مرشداً .

قال الله تعالى: "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون، فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون" .

وهنا في هذه الآية، يعد الله الشهداء الذين قتلوا في سبيله بالنعيم الأبدي في الجنة، وأنهم أحياء غير شاعرين بالموت، وفزعه، وبعذابه، بل هم فرحين بما هم فيه من نعمة، وبشر في الجنة، فروح الشهيد تكون كالطائر فوق شجر الجنة، ويسرحون فيها كيف ما يشاؤن، حتى يبعث الله بأرواحهم فيبعثون، وقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وأن له ما على الأرض من شيء غير الشهيد فإنه يتمنى أن يرجع فيقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة)، ويكفيهم أنهم في أكبر نعمة، وهي نعيم لامجال له لايتخيله إنسان، ولايتصوره إنه نعيم رضا رب العالمين، وإن الله لا يضيع أجر المحسنين .

وهذه الآية وإن دلت على شيء، فإنها تدل على نعيم من يقتل في سبيل الله، ونزلت لعدة فوائد منها :

  • الترغيب في الشهادة في سبيل الله .
  • تجعل أهل الشهيد يصبرون، ويحتسبون أكثر عند الله قتلاهم .
  • تبين أن من قتل لإعلاء كلمة الله ونصرة دين الإسلام، كان له أعلى مرتبة في الجنة مع الأنبياء والصديقين .
  • تعريف المسلمين بنعيم البرزخ، وإثباته لهم، وقال الرسول -صلى الله عليه وسلم- : (الشهداء على بارق، نهر بباب الجنة في قبة خضراء، يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشياً) .
  • وهذه الآية نزلت من باب المواساة لأهل الميت كما قلت من قبل، حيث إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- نظر في وجه جابر بن عبد الله، وكان والده قد استشهد حديثاً، فقال له : (مالي أراك مهتماً ؟) ، قلت: يا رسول الله، قتل أبي وترك ديناً وعيالاً ، فقال: (ألا أخبرك ما كلم الله أحداً قط إلا من وراء حجاب، وإنه كلم أباك كفاحاً) ، فقال: (يا عبدي سلني أعطك) ، قال : أسئلك أن تردني إلى الدنيا فأقتل فيك ثانية ، فقال : (إنه قد سبق مني أنهم إليها لا يرجعون) ، قال : يا رب، فأبلغ من ورائي . فنزلت الآية لتخبر عن النعم التي فيها الشهيد .
  • تؤكد الآية استمرارية حياة الشهيد ورزقه ونعيمه، فهو في الحياة الخالدة، ولمن المعروف أن الشهداء يكونون في أعلى مراتب الجنة في شغل فاكهون، ولهم من الحور حتى يتزوجون، وتذهب إليهم زوجاتهم من الدنيا، لتصبح إذا كانت مؤمنة صابرة وفية سيدة الحور العين له، وحياة الشهيد لا تكون في قبره، بل عند رب العالمين في الجنة تسرح كيف ما تشاء .

وأخيراً اللهم أرزقنا شهادةً في سبيلك يارب العالمين، وآخر قولي الحمد لله رب العالمين .

المقالات المتعلقة بولا تحسبن الذين قتلوا