جعل الله سبحانه و تعالى يوم القيامة يوماً لمحاسبة الخلق على أعمالهم ، و قد أقسم الله سبحانه و تعالى في كتابه العزيز بهذا اليوم ، و هذا يدلّ على عظمته و عظمة ما يحدث فيه من أهوالٍ و أمورٍ تهزّ النّفوس و تزلزلها ، و قد جعل الله تعالى لهذه اليوم علاماتٍ و أماراتٍ رحمةً بالمؤمنين ، و قد بيّن النّبي عليه الصّلاة و السّلام في أحاديث كثيرةٍ علامات يوم القيامة ، كما بيّن أنّ القيامة لا تقوم إلى على شرار النّاس حيث يبعث الله ريحاً تقبض أرواح المؤمنين ، ليبقى أهل الكفر و النّفاق على حالهم يتسافدون كما تتسافد الهيم ، فيرون من أهوال القيامة ما تشيب منه الولدان ، و تضع ذوات الأحمال حملهنّ ، و يفرّ المرء من أبيه و أمّه و كلّ أقاربه ، و ترى النّاس يترنّحون كأنّهم سكاري و ما هم بذلك ، إنّما هو حال من يرى أهوال القيامة و يخشى أن يحلّ به بطش الله تعالى ، و قد فزع النّبي صلّى الله عليه و سلّم لما أعطاه الله من علم السّاعة ، حيث قال في حديث لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً و لبكيتم كثيراً ، و لما تلذّذتم بالنّساء على الفرش ، و هذا بلا شكٍّ لاطّلاعه عليه الصّلاة و السّلام على أمورٍ أخفيت عن النّاس رحمةً بهم .
و إنّ من أهوال يوم القيامة أنّ السّماء تنشقّ و تغلي كما يغلي الزّيت المحمي ، كما تزلزل الأرض بمن عليها و تخرج ما في باطنها من الأثقال و الحمم ، و تتساقط النّجوم و تتناثر الكواكب و ترتطم مع بعضها ، و تفجّر البحار ، و تبعثر القبور ، و يأمر الله تعالى إسرافيل بالنّفخ بالبوق نفخة الفزع ثمّ نفخة الصّعق حيث يصعق كلّ من في السّموات و الأرض إلا من شاء الله ، ثمّ تكون نفخة القيام و النّشور حيث يحشر النّاس إلى ربّ العالمين ، و ينتظرون في الموقف للحساب و تدنو الشّمس من الخلائق فيعرقون لأجل ذلك ، و يستشفعون عند الله تعالى بالنّبي محمد عليه الصّلاة و السّلام الذي يقوم لمقامه المحمود عند ربّه ، فيرضا الله تعالى شفاعته ليبدأ الحساب و العرض .