تطوير الذّات البشريّة هو سُنّة الله في خلقه، وهو الشّعار الذي نادى به الكثيرون، وكان سبباً في تغيير مجرى حياتهم بل وتغيير مجرى التّاريخ أيضاً. لا يحتاج تطوير الذّات وتغييرها إلى أكثر من الإرادة القويّة والعزم الصّادق على التّغيير، وقد يكون سبب هذا التّغيير موقفاً مرَّ به الشّخص، أو كلمةً كان لها أكبر الأثَر في نفسه، فهذا الإمام والعالم الكبير الطحّاوي، صاحب العقيدة الطحاويّة، قرّر أن يُغيّر مجرى حياته وسيْرها؛ بسبب بضع كلماتٍ سمعها من خاله المزنيّ عندما كان يحضر مجالس العلم لديه، وقد يئس منه خاله، فقال: (والله لا نفعَ منك ولا فائدة)، هذه الكلمات القليلة كانت المؤثّر والدّافع للإمام الطحاويّ حتّى أصبح عالماً من علماء الأُمّة، وكان يقول: (رحم الله المزنيّ، لو كان حيّاً الآنَ لكفر عن يمينه).[١]
نقطة البداية في تطوير الذّاتيبدأ تطوير الذّات عند الإنسان من لحظة تحسين نظرته إلى ذاته، وإحاطتها بشيءٍ من التّقدير والاهتمام، بعيداً كلّ البُعد عن أيّ تجارب فشلٍ مرَّ بها سابقاً، وأوّل خطوةٍ لإصلاح الذّات هي التقييم الذّاتي، وهي العمليّة الجادة والدّراسة الدّقيقة لذات الشّخص، ويكون ذلك عن طريق بيان نقاط ضعفه وقوّته، ورغبته الدّاخلية في التغيير إلى الأفضل.[٢]
وهناك العديد من الأمور التي تُسهِم مُساهمةً فعّالةً في تقدير الذّات، مثل: طريقة مُعاملة الوالدَين في الأسرة، أو أسلوب تعامُل الإخوة والأصدقاء مع الشّخص؛ فالتّأثير التراكُميّ لمُعاملة الوالدَين والإخوة والأصدقاء أو أيّ شخص آخر له شأنٌ وقيمة لديه؛ كلّ ذلك يُحدّد طبيعة تقدير الذّات لدى الإنسان. وقد يصاب الإنسان بخيبةِ أملٍ إن كان تقدير الذّات ضعيفاً لديه، فهو لا يستطيع تغيير الماضي، أو تغيير معاملة الآخرين له، إلا أنَّه يستطيع أن يُغيّر درجة تأثير الماضي عليه، فلا يسمح له بأن يكون سبباً في فشله.[٢]
تعريف الثّقة بالنّفسيرى الأستاذ الدّكتور عبد الكريم بكار أنّ الثّقة بالنّفس تعني: اعتقاد الشّخص اعتقاداً جازماً بأنّ لديه القُدرة على إنجاز العديد من الأمور المفيدة، والتي قد يعجز عن إنجازها وتحقيقها العديد من أقرانه، وليس شرطاً أن يكون هذا الاعتقاد مُطابقاً تماماً للواقع الذي يعيشه ذلك الشّخص، ولكن يكفي مُجرّد الاعتقاد، الذي يُشكّل دافعاً قويّاً للشخص للإقدام وعدم التردُّد.[٣]
الثّقة بالنّفس والنّجاحتُعدّ الثّقة بالنّفس شرطاً من شروط النّجاح، ومُقوِّماً أساسيّاً من مُقوّماته؛ ذلك أنّ الشّخص من غير قَدَرٍ من الثّقة لا يستطيعُ إنجاز عمل ذا قيمة والنّجاح فيه؛ لأنّ الذي يفقد الثّقة بنفسه يخشى الإقدام والمُخاطرة، ويجد صعوبةً في إنجاز الأعمال التي تواجهه، والتي هي في نظر الآخرين سهلة المنال، بسيطة الإنجاز. وغالباً ما تُبنى الثّقة بالنّفس من خلال النّجاح في الخطوة الأولى أو الثانية؛ فنجاح الشّخص في أوّل مرحلة يكون سبباً لرفع قدر ثقته بنفسه، ودافعاً للمُواصَلة وتحقيق نجاحاتٍ أخرى في حياته، ومن هنا تظهر العلاقة بين الثّقة بالنّفس والنّجاح؛ فكلّ منهما يعتمد على الآخر، فتحقيق النّجاح يحتاج الثّقة بالنّفس، والثّقة بالنّفس يدعمها ويُقوّيها النّجاح والتفوُّق.[٣]
وقد أوردت الدّكتورة جوديث برايلس في كتابها (الثّقة تصنع النّجاح) مجموعةً من الخواطر الهادفة في هذا الموضوع، فقالت:[٤]
يعتمد تطوير الذّات والثّقة بالنّفس على أمورٍ عديدة، على الشخص الحرص عليها ومعرفتها معرفةً دقيقةً، ومنها:[٥][٦]
من العوامل التي تساهم في تطوير الذّات ما ذكره الكاتب توراو توكودا، ومن هذه العوامل:[٧]
المقالات المتعلقة بتطوير الذات والثقة بالنفس