السعادة مع الله تتحقّق السّعادة عند النّاس عندما تلبّى أهدافهم وتطلّعاتهم في الحياة وتصير أحلامهم حقيقة على أرض الواقع، فمن كان هدفه المال يجد السّعادة عندما يتوفّر عنده المال الكثير، ومن كان هدفه الجاه والسّلطة يجد السّعادة عندما يتولّى المناصب العليا، بينما المؤمن اللّبيب لا يدرك معنى السّعادة الحقيقة التي يستشعر لذتها إلاّ عندما يكون مع ربّه عزّ وجل، فكيف يكون المسلم سعيداً مع الله تعالى؟
كيف يكون الإنسان سعيدًا مع الله - أن يكثر من الذّكر، فالذّكر من أعظم العبادات، وأنجع السّبل للتّقرّب إلى الله تعالى، واستشعار معيّته وحفظه في الحياة، ومعنى الذّكر يشتمل على جميع ما ورد في السّنّة النّبويّة الشّريفة من أذكار مأثورة علّمها النّبي عليه الصّلاة والسّلام أصحابه، وبقيت سنةً من بعده، ومنها أذكار الصّباح والمساء، ولا شكّ في أنّ أثر هذه الأذكار عجيبٌ في حياة المسلم، وهي من أهم أسباب الوصول إلى السّعادة، لأنّ الذّاكر لله تعالى يطمئن قلبه بترديد كلمات الذّكر، وفي المقابل من يبتعد عن هذا الذّكر يستشعر بالضّيق والحسرة والألم في حياته، قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد: 28] وقال تعالى كذلك في الآية الأخرى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) [طه: 124].
- أن يحرص على الصّلاة، فالصّلاة هي الرّكن الثّاني من أركان الإسلام، وأهمّ أركانه، فيها الكثير من الفوائد في حياة المسلم، فإلى جانب الثّواب والأجر الذي يتحصّل عليه العبد من أدائها، وإلى جانب أنّها توثّق صلة العبد بربّه وتقوّيها، فإنّ لها تأثيراً عجيباً في صنع السّعادة في حياة المسلم، فما يُتلى في ركعات الصّلاة من الآيات، وما يتحقّق في السّجود والرّكوع من الآثار الإيجابيّة في النّفس لكفيلةٌ بتحقيق السّعادة للمسلم وإزالة هموم الدّنيا عنه.
- أن يتفكّر المسلم في ملكوت السّموات والأرض وما خلقه الله فيها، ففي الآفاق من الآيات والمعجزات ما يحيّر العقول، ويبهر الأبصار، مما يزيد المؤمن إيمانًا بأنّ الله هو الحقّ، وأنّ دينه الذي ارتضاه للنّاس هو الحقّ، وأنّ كلّ ما وعد الله به هو الحقّ، فيطمئن لأجل ذلك جنانه، وتسكن بيقين القلب أركانه، وتملأ السّعادة خلجات نفسه.
- أن يستشعر الإنسان معنى العزّة بقربه من الله تعالى، فالعزّة هي من أهمّ عوامل تحقيق السّعادة في حياة المسلم حينما يعتزّ بربّه ونبيه ودينه وأخلاقه، فتحقّق له السّعادة لأجل ذلك.