شرع الله لعباده العديد من العبادات، وجعل لبعضها مواسم خاصة بها، ليبقى المسلم على اتصالٍ دائمٍ بخالقه، ومن بين تلك العبادات التي شرعها الله لعباده العمرة، وتأتي العمرة لتجديد العلاقة بين العبد وخالقه بعد أن يزور بيته، ويشعر بالراحة والسكينة ويسأل الله من فضله ويستغفره ويتوب إليه.
تُعرّف العمرة في اللغة بأنّها: الزيارة، ويقصد بالمعتمر الزائر، أو القاصد للشيء، أما العمرة في اصطلاح الفقهاء فتُعرّف بأنّها: التعبد لله سبحانه وتعالى، وذلك من خلال زيارة بيت اللَّه الحرام، وتُؤدى بالإحرام، والطواف حول الكعبة، والسّعي بين الصّفا والمروة، والحلق أو التقصير، والتحلل من الإحرام بعد الانتهاء من جميع مناسك العمرة الرئيسية.[١]
حكم العمرة ذهب فقهاء المالكيّة وكثيرٌ من فقهاء الحنفيّة إلى أنّ العمرة سنّة مؤكدة على المسلم، تُؤدى في العمر مرة واحدة، وقد ذهب بعض فقهاء الحنفيّة إلى أنها تجب مرة واحدة في العمر، فيكون أداؤها لازماً عندهم ولو لمرة في العمر، وقد استدلّ فقهاء المالكيّة والحنفيّة فيما ذهبوا إليه بحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: (أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ سُئلَ عنِ العمرةِ أواجبةٌ هيَ؟ قال: لا، وأنْ تعتمِروا هوَ أفضلُ).[٢][٣]أما فقهاء الشافعيّة في الأصحِّ عندهم، وفقهاء الحنابلة، فقد ذهبوا إلى أنّ العمرة فرض عينٍ مرة واحدة في العمر، وقد استدلّ أصحاب هذا الفريق على ما ذهبوا إليه بقول الله سبحانه وتعالى في سورة البقرة: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ)،[٤] أي؛ افعلوا الحج والعمرة فعلاً تاماً، وهذا يدل على فرضية الحج والعمرة ولو مرَّةً في العمر، كما استدلوا أيضاً بالحديث الذي ترويه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: (يا رسولَ اللَّهِ على النِّساءِ جِهادٌ؟ قالَ: نعَم، عليهِنَّ جِهادٌ لا قتالَ فيهِ: الحَجُّ والعُمرةُ).[٥][٣]
فضل العمرة في رمضانإنّ للعمرة في شهر رمضان المبارك فضلاً وأجراً عظيمين؛ فهي تعدل ثواب حجة، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال لامرأةٍ من الأنصارِ، يقالُ لها أمُّ سِنانٍ: (ما منعك أن تكوني حججتِ معنا، قالت: ناضحانِ كانا لأبي فلان (زوجِها) حجَّ هو وابنُه على أحدِهما، وكان الآخرُ يسقي غلامَنا، قال: فعمرةٌ في رمضانَ تقضي حجَّةً، أو حجَّةً معي).[٦][٧]
كيفية أداء العمرة في رمضانلا تختلف العمرة في شهر رمضان من حيث كيفية أدائها عن العمرة في الشهور الأخرى، وفيما يلي بيان لكيفية أداء العمرة:[٨]
ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ للعمرة ثلاثة أركان هي: الإحرام والطّواف والسّعي، وهذا مذهب المالكيّة والحنابلة، وزاد فقهاء الشافعيّة ركناً رابعاً وهو: الحلق، أما فقهاء الحنفيّة فقالوا إنّ الإحرام شرط للعمرة، وركنها واحد، وهو الطواف.[٣]
ميقات العمرةللعمرة ميقاتان؛ زماني ومكاني؛ فأما الزماني: فيصح إنشاء العمرة في كل وقت من أوقات السنة، باستثناء أحوال معينة نصّ عليها فقهاء المذاهب الفقهية؛ فذهب الحنفية إلى أنّه يُكره الإحرام بالعمرة كراهة تحريميّة، في يوم عرفة قبل الزوال وبعده، وفي يوم النحر، وفي الثلاثة أيام التي بعده، ويُكره فعلها أيضاً في أشهر الحج لأهل مكة (سواء كان المرء مقيماً أو غريباً)، أما فقهاء المالكية فقالوا بصحة الإحرام للعمرة في كل السنة، إلاّ إذا كان الشخص محرماً بالحج أو محرماً بعمرة أخرى، حتى يفرغ من أعمال كلٍّ منهما، ولا تُكره العمرة في يوم عرفة، ولا في أيام التشريق، وذهب الحنابلة إلى أنها تصحّ العمرة في كل السنة، ولا تُكره في أيام التشريق. وإذا أحرم الشخص بالحج ثم أحرم بالعمرة، كان إحرامه بالعمرة لغواً، ولا يلزمه شيء، وذهب الشافعية إلى أنّه تصح العمرة في كل أوقات السنة من غير كراهة، إلّا لمن كان محرماً بالحج، فلا يصح إحرامه، وتكون لغواً.[١٢]
المراجعالمقالات المتعلقة بكيف تؤدي العمرة في رمضان