الفريضة الأخيرة التي طلبها الله من الإنسان أن يقوم بها لما تتطلبه من الأعباء المادّية، والجسدية، والسّفر من أجلها، وترك الأولاد والأعمال وكل الدّنيا لأجل القيام بهذه الفريضة، ألا وهي فريضة "أداء العمرة".
برغم كل الأعباء التي تحملها هذه الفريضة، إلّا أنّها من أجمل العبادات التّي يتقرّب بها الإنسان إلى ربّه. فتهاجر فعلاً بجسدك وروحك لأجل الله، طالباً مغفرته ورحمته عن أن يرحمنا ويعفو عن تقصيرنا بالعبادة، سائراً نحو مكانٍ ولد فيه رسولنا وحبيبنا المكريم "محمّد صلّى الله عليه وسلّم"، وعاش فيه مع أصحابه وأهله.
فكلِّ بقعةٍ هنالك هي جزء من حكاية رسولنا العظيم ، فيزداد الإنسان شوقاً للمكان ورغبةً للوصول ، حتّى ننعم بالمشاعر والحنين لما قرأنا وسمعنا عن رسولنا ، إلى أن نصل إلى رهبة المكان وشموخه ، فما أن تنظر إلى الكعبة وإنّ لها في القلب نظرةً لا ينعم فيها إلّا من رآها حقاً كأنك وصلت السّماء برقيِّ المكان . يا لها من لحظات يتمنّى الإنسان أن لا يمضي الوقت، وتظلُّ الخشية والخضوع لله في هذا الزّمان والمكان في القلب عامرة .
فحين يصل الإنسان إلى البيت الحرام، ويبدأ بالدّعاء قائلاً : "اللّهم انّي أريد طواف بيتك الحرام فيسّره لي وتقبّله مني"، ثمّ يأتي الحجر الأسود فيقبّلهُ إذا استطاع ذلك أو يلمسه فعليه الإشارة إليه بيده مكبّراً. ثمّ يبدأ الطّواف سبعة مرّات وهو مبتهج القلب وما يحمله من دعاء، فإنّهُ يشعر كأنّهُ يطوف بين يديِّ الله عزَّ وجل وكأنَّه موصولٌ بالزُّحام أو بمن حوله كأنّه يمشي على هذه الأرض وحده، هذه مشاعر قلب كلَّ من دخل هذه البقعة وكأنَّ الإنسان يزفُّ نفسه .
وما أن ينتهي من السّبعة أشواط يصلّي ركعتين خلف مقام سيدنا إبراهيم "عليه الصلاة والسّلام"، ثمَّ يبدأ بالسّعي بين الصّفا والمروة ، ولا يزال الإنسان في نفس المشاعر يصطحبها معه أينما مشى في هذه الرّحال، ومعه لسانه وقلبه الذّي لا يزال يلهج بالدّعاء إلى الله العزيز ليكرمنا بعفوه ورحمته واستجابة دعائنا ، ثم يقوم بالحلق للتحلّل من الإحرام الّذي بدأ به. هذا حال المعتمر، فهنيئاً لمن أنعم الله عليه بالعمرة وكيف لمن ذهب إلى الحجّ ؛ "فالّلهم ارزقنا زيارة بيتك حاجّين معتمرين مراراً وتكراراً"، ولا نغفل أنّ ما بين العمرة والعمرة كفّارة لما بينهما من الذنوب.
المقالات المتعلقة بما ثواب العمرة