محتويات
صلاة الحاجة
قد يُصاب الإنسان أحياناً بالضّيق وفُقدان الأمل؛ نتيجة تعسُّر إتمام بعض الأمور المُهمّة في حياته، أو بسبب قضيّةٍ مُزعجة، أو همٍّ يُرافِقه فترةً من الزّمن، ولا يستطيع التخلُّص منه، مثل: تأخُّر الزّواج، أو ضيق الحال، أو عدم وجود وظيفة، أو الإصابة بمرض عضويٍّ مُلازِم له، أو عدم إنجاب الأطفال، وغيرها من الهموم والمشاكل، وقد يطرق الأبواب الممكنة جميعها ليَحُلّ مشكلته، فلا يحصل على النّتيجة التي يرغبها، فيُصاب بالخيبة وعدم الرّضا، وقد ينعزل عن النّاس أو يتغيّر في تعامله معهم، لكنّه لا يُدرِك أنّ أعظم أبواب الإجابة تكون من خالق هذا الكون، صاحب الملكوت، هو القادر على تفريج كرباته وهمومه كلّها، لذا فإنّ الأجدر بالشّخص أن يلجأ إلى الله بالدُّعاء والتضرُّع؛ فهو المُنجي والمُعطي، ويكون ذلك عن طريق أداء صلاة الحاجة، فما هي هذه الصّلاة، وكيف تُؤدّى؟
تعريف صلاة الحاجة
صلاة الحاجة هي مصطلح مُكوَّن من كلمتَين: الأولى كلمة صلاة، والثّانية هي الحاجة، فالصّلاة: هي الدُّعاء،[١] والحاجة: هي ما يفتقر إليه الإنسانُ ويطلبه،[٢] أمّا تعريف صلاة الحاجة اصطلاحاً: فهيَ صلاة يفْتَقَرُ فيها العبدُ إلى الله طالِباً التَّوْسِعَة، وَرَفْعُ الضِّيقِ الْمُؤَدِّي فِي الْغَالِبِ إِلَى الْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ اللاَّحِقَةِ بِفَوْتِ الْمَصْلَحَةِ.[٣]
كيفيّة صلاة الحاجة
لصلاة الحاجة هيئات ثلاث كما تقدّم: ركعتان، أو أربع ركعاتٍ، أو اثنتا عشرة ركعةً، وفي الهيئات جميعها يتوضّأ المسلم مثلما يتوضّأ لسائر الصّلوات الأخرى المُعتادة، ويكون ساتراً العورةَ، مُتَّجهاً نحوَ القِبلة، طاهرَ الثّياب والجسم، أمّا كيفيّة أداء الهيئات الثلاثة، فهي كالآتي:[٣]
وذلك كما ورد في الحديث الشّريف الذي يرويه أنس رضي الله عنه، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: (يا عليُّ! ألا أُعَلِّمُك دعاءً إذا أصابَك غمٌّ أو همٌّ تدعو بهِ ربَّك فيُستجابُ لكَ بإذنِ اللهِ ويُفرَّجُ عنكَ؟ توضَّأْ وصلِّ ركعتَينِ، واحمدِ اللهَ وأثنِ عليهِ، وصَلِّ علَى نَبِيِّك، واسْتغفِرْ لِنفسك وللمؤمنينَ والمؤمناتِ، ثمَّ قُل: (اللَّهمَّ أنت تَحكمُ بين عِبادِك فيما كانوا فيهِ يختلِفونَ، لا إلهَ إلَّا اللهُ العليُّ العظيمُ، ولا إلهَ إلَّا اللهُ الحليمُ الكريمُ، سبحانَ اللهِ رَبِّ السَّمواتِ السَّبعِ ورَبِّ العرشِ العظيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، اللَّهمَّ كاشِفَ الغمِّ، مُفرِّجَ الهمِّ، مُجيبَ دعوةِ المُضطَرِّينَ إذا دعَوكَ، رَحمنَ الدُّنيا والآخرةِ ورحيمَهُما فارْحَمني في حاجَتي هذهِ بِقضائِها ونَجاحِها، رَحمةً تُغْنِينِي بِها عَن رحمةِ مَن سِواك))،[٤] ويدعو المُصلّي بما يشاء، ويصلّي على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ويوقِن أنّ الله سيستجيب له، ويفرّج عنه كربته في القريب العاجل.
حُكْم صلاة الحاجة
صلاة الحاجة مُستَحَبَّةٌ باتّفاق العلماء، ولكنّهم اختلفوا في عدد ركعاتها وصيغة دُعائها؛ فهي ركعتان عند الحنابلة، ومثلها على المُعتمَد عند المالكيّة والشافعيّة، أمّا عند الحنفيّة على المُعتمَد فهي أربع ركعاتٍ، وهناك قول عند الحنفيّة بأنّها ركعتان خلافاً للمُعتمَد، وللإمام الغزاليّ قول بأنّها: اثنتا عشرة ركعةً.[٣]
مشروعيّة صلاة الحاجة
وردت في سيرة النبيّ صلّى الله عليه وسلم أكثر من قصّة تبيّن أنّ المسلم إذا كانت له حاجة أو مسألة عند الله، فإنّه يصلّي ويدعو الله تعالى، ومن أشهرها وأصحِّها قصّة الصحابيّ الأعمى؛ الذي طلب من النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن يَرُدّ الله عليه بصرَه، وذُكِرت هذه القصّة في الحديث الذي يرويه سيّدنا عثمان بن حنيف رضي الله عنه؛ حيث قال: (أنَّ أَعْمَى أَتَى إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فقال: يا رسولَ اللهِ، ادْعُ اللهَ أنْ يَكْشِفَ لي عن بَصَرِي، قال: أوْ أَدعُكَ؟ قال: يا رسولَ اللهِ، إنَّهُ قد شَقَّ عليَّ ذَهابُ بَصَرِي، قال: فَانْطَلِقْ فَتَوَضَّأْ، ثُمَّ صَلِّ ركعتيْنِ، ثُمَّ قلْ: اللّهُمَّ إنِّي أسألُكَ وأَتَوَجَّهُ إليكَ بِنبيِِّي محمَّدٍ نبيِّ الرَّحمةِ، يا محمدُ، إنِّي أَتَوَجَّهُ إلى ربِّي بِكَ أنْ يَكْشِفَ لي عن بَصَرِي، اللَّهُمَّ شَفِّعْهُ فِيَّ، وشَفِّعْنِي في نَفسي، فَرجعَ، وقد كَشَفَ له عن بَصَرِهِ).[٥]
وقت صلاة الحاجة
صلاة الحاجة ليس لها وقت مُحدَّد، وإن ذَكَر الحنفيّة استِحبابَها بعد صلاة العشاء،[٣] ويُستحَبّ أن يتحرّى الإنسان أوقات الاستجابة، مثل: الثُّلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي الأيّام المُستحَبّة، مثل: ليلة الجمعة ويومها، ويوم الصّيام أو السّفر، فإنّ هذه الأوقات تكون أفضل لإجابة الدُّعاء من غيرها، وتُتجنَّب الأوقات التي تُكرَه فيها الصّلاة، وهي:[٦]
المراجع