الفقر هو مأساة لا حدود لها، توقف عجلة الإنتاج في المجتمع وتنشر الجرائم وتعطل الإبداع وتضيع الجهود وتجبر الناس على أن يكونوا عبيداً لا بشراً كرمهم الله تعالى، فالقر هو الوحش الذي يهدد الدول، ويلتهم الجال، ينشر العشوائيات ويدمر قيم الإنسان وأخلاقه – في أحوال كثيرة -، لهذا فكل عاقل هو من يتنبه لهذه المشكلة العظيمة، وكل جاهل هو من يحتقر هؤلاء الناس وينأى بجانبه عنهم ويبتعد عن مشكلاتهمن وهمومهم بل ويعمل على زيادة معدلات الفقر في دولته وفي أمته، لهذا فقد اهتم الإسلام جداً بمعالجة الفقر ففرض الزكة وهي الحد الأدنى من الإنفاق ورغب كثيراً في الدعم المالي والتصدق، كما أنه أوجب العمل على الإنسان المقتدر كسباً للمال بدلاً من أن يمد يده إلى الناس، وحارب الربا الذي يزيد الديون وبالاتالي إفقار الناس، فالربا هو عدو النهضة وعدو الأخلاق، كما أنه حارب الجشع والطمع الذي تتبعه بعض الجهات التي تدعي بأنها إسلامية وأنها تطبق شرع الله، مغفلة بذلك لب الدعوة الإسلامية وهي الأخلاق وعدم استغلال حاجات الناس، متمسكة بالقشور مهملة للجوهر.
من هنا نستنتج أن الفقر ناتج عن الفساد وسوء الأخلاق والبطالة، فحل مشكلة الفقر هو يكمن في تقليل نسبة الفساد، ففي بلداننا العزيزة يعد الفساد سمة من سمات مجتمعاتنا التي تميزنا بها دوناً عن غيرنا من البلدان، فلا رقيب ولا حسيب ولا وازع أخلاقي يردع الإنسان ولا ضمير حي أو معرفة دينية عميقة بالله تضع الإنسان عند حده، نعرف الكلام فقط في الندوات والمؤتمرات والمحاضرات، ولكن هلا من سبيل إلى وقف هدر المال العام من جراء الفساد ؟! قطعاً لا.
من ناحية علاقة البطالة بزيادة نسبة الفقر في المجتمع، فالعلاقة واضحة لا تحتاج إلى تفسيرات، من لا يعمل لن يرزق وبالتالي لن ينفق على نفسه وعلى أسرته، ولكن الغريب أنه وفي أوطاننا العزيزة يعمل الإنسان وظيفتين وربما ثلاثة وظائف لكنه لا زال فقيراً، ولا تصدعوا رؤوسنا بثقافة العيب، فقد دعت الظروف الشباب العاطل عن العمل إلى تجاوز هذه الفكرة الدونية التي كانت بنظرهم عن بعض الأعمال، ولكن هل التزمت الدول بضمان الحقوق الكاملة للعمال وعلى رأسها الأجور التي تتناسب مع مجهوداتهم، ومع ما ينفقونه من وقت ؟! أيضاً الجواب لا، وهذا واضح جلي مما نشاهده على أرض الواقع فأرباب العمل يزدادون غنى وعمالهم يزدادون فقراً، فليس كل من يرفض العمل هو بالضرورة ممن يتبعون بتفكيرهم ثقافة عيبكم هذه، ولكنه قد يكون من الناس الضين يفضلون الموت جوعاً على أن يذل نفسه عند من أعياه الطمع وكنز المال و أن يضيع عمره وجهده مقابل الفتات.
المقالات المتعلقة بكيفية معالجة الفقر