محتويات
- ١ الصلاة
- ٢ معنى الصَّلاة
- ٣ حكم ترك الصلاة
- ٤ على من تجب الصّلاة
- ٥ شروط صحّة الصَّلاة
- ٦ المراجع
الصلاة للصلاة في الإسلام منزلةٌ رفيعةٌ تربو عن منزلة أي فريضةٍ أخرى، مع فضل وعِظَم كلِّ الفرائض وأهميّتها، وبلغ من أهميّة الصلاة وفضلها أن جعل الله فرضيّتها في السماء على خلاف باقي الفرائض، وقد دعا الله سبحانه وتعالى ورسوله المصطفى -عليه الصّلاة والسّلام- الناس جميعاً للالتزام بالصّلاة وأدائها على أكمل وجه، فهي أول عملٍ يُحاسَب عليه المسلم يوم القيامة، فإن صَلُحَت صلاته فاز، وإن فسدت صلاته لحقه الخسران والخيبة، وقد التزم رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- وأصحابه بأداء الصلاة جماعةً والمُواظبة عليها، كما واظبوا على أداء السنن والنوافل، حتى في مرض رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- كان كلما أفاق من غيبوبة مرضه أول ما يسأل عنه الصلاة، وقد أرشد حينها أصحابه ونصحهم بالالتزام بها والمُواظبة عليها وعدم تركها، فقد ورد من حديث أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: (كانت عامَّةُ وصيَّةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الصلاةَ الصلاةَ وما ملكت أيمانُكم حتى جعل يُجلجِلُها في صدرهِ وما يَفيضُ بها لسانُه).[١]
معنى الصَّلاة الصّلاة لغةً تعني الدعاء، وقيل تعني التّعظيم.[٢] أمّا في الاصطلاح الفقهي فهي عبارة عن أقوال وأفعال مخصوصة، مُفتَتَحةٌ بالتّكبير ومَختومةٌ بالتّسليم مع النّية وفق هيئات وشروط مخصوصة.[٣]
وقد عرَّفها فقهاء المذهب الحنفي بأنّها مجموعة من الأَفعال المخصوصة، من القيام وقراءة القرآن والرُّكوع والسُّجود.[٤] وقيل: بل هي أقوالٌ وأفعالٌ مخصوصة، مُفتَتَحةٌ بالتّكبير، ومختومةٌ بالتّسليم، وفق شرائطَ مخصوصة.[٥]
حكم ترك الصلاة اتّفق العلماء على أن من ترك الصلاة جحوداً بها فإنّه يُعدُّ كافراً بما أُنزل على محمد -عليه الصّلاة والسّلام-، حيث إنّ الصّلاة ممّا عُلِم من الدين بالضرورة، ولا يجوز ترك ما أوجبه الله ورسوله عمداً مع الجحود بفرضيته، ودليل ذلك قول النبي -عليه الصّلاة والسّلام-: (العَهدُ الذي بَينَنا وبَينَهُم الصلاةُ، فمن تَرَكَها فَقَد كَفَرَ)،[٦] ولكن الفقهاء قد اختلفوا فيمن أقرّ بوجوب الصّلاة ومشروعيّتها ولم يُنكر أنّها لازمةٌ لا بد من أدائها، ثم بعد ذلك الإقرار تركها تكاسلاً، وفيما يأتي بيان ما ذهبوا إليه:[٧]
- ذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى أن تارك الصلاة تكاسلاً لا يُعتبر كافراً، بل يُحبَس حتى يُصلّي.
- ذهب الإمام مالك والإمام الشافعي رحمهما الله أنّ تارك الصّلاة وهو مُقرٌّ بفرضيّتها لا يكفر، ولكنّه يُقتَل حدّاً بعد أن تُعرَض عليه الصّلاة ويرفض حتى يخرج وقتها، ويُدفَن في مقابر المسلمين ويرثه ورثته.
- يرى الإمام أحمد في المشهور عنده أن تارك الصلاة تكاسلاً يُعدّ كافراً ويُقتَل رِدّةً؛ فلا يُدفَن في مقابر المسلمين ولا يرثه ورثته، ونقل إسحق بن راهوي الإجماع على ذلك، واستدلّ أصحاب هذا القول بما رُوِيَ عن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام-: (بَينَ العَبدِ وبَينَ الكُفرِ تَركُ الصلاةِ)،[٨] واستدلّوا كذلك بما رواه بريدة -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصّلاة والسّلام- قال: (العَهدُ الذي بَينَنا وبَينَهُم الصلاةُ، فمن تَرَكَها فَقَد كَفَرَ).[٦]
ورُوِيَ عن ابن حزم الظاهري أنّ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ومعاذ بن جبل، وابن مسعود، وجماعة من الصّحابة -رضوان الله عنهم أجمعين- وعن ابن المبارك، وأحمد بن حنبل، وإسحق بن راهويه رحمهم الله جميعاً، وعن تمام سبعة عشر رجلاً من الصّحابة والتّابعين أنّهم يرون من ترك الصّلاة مُتعمّداً ذاكراً لها حتى خروج وقتها فإنّه يُعدَ كافراً مُرتدّاً عن الإسلام.
على من تجب الصّلاة تَجِب الصلاة على جميع المسلمين ضمن مجموعة من الشروط، هي:[٩]
- الإسلام: فلا تجب الصّلاة على غير المسلمين، ولا تُقبل صلاةٌ من كافر.
- البلوغ: من شروط وجوب الصلاة البلوغ، فلا تجب الصلاة على صبيٍ لم يبلغ ولو كان مُميِّزاً، ولو أدّاها قُبلت منه لكن لا يُعاقب إذا تركها، ولا يقع عليه من الأحكام ما يقع على غيره من المسلمين البالغين لكونه ليس مُكلّفاً.
- العقل: وحيث إنّ من شروط التّكليف العقل، فلا تصحّ الصّلاة من مجنونٍ أو معتوه، أو من فقد عقله لمرضٍ أو غيره، ويدخل في هذا الباب النائم حتى يستيقظ، والمريض الذي يفقد الوعي حتي يُفيق.
شروط صحّة الصَّلاة يُشترط لقبول الصّلاة وصحّتها بعضاً من الشّروط، ومن تلك الشروط: الإسلام؛ فلا تُقبل الصلاة من كافر، والعقل؛ فلا تُقبل الصلاة من مجنونٍ أو سواه، والتَّمييز؛ فلا تُقبل الصلاة من الصبي إلا إذا كان مُميّزاً، والطّهارة؛ فلا تُقبل من مُحدث، وإزالة النَّجاسة، وستر العورة، ودخول وقت الصّلاة؛ فلا تُقبل خارج وقتها، واستقبال القبلة، وبيان بعض تلك الشروط فيما يأتي:
- الطَّهارةُ: وتُقسَم الطّهارة المُعتَبِرة لصحّة الصّلاة إلى أربعة أقسامٍ، هي الطهارة من الحَدَث؛ لما رواه عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصَّلاة والسّلام- أنه قال: "'(لا تُقْبَلُ صَلاةٌ بِغَيرِ طَهْور)'"،[١٠] وطهارة البدن ممّا يعلق فيه من النجاسة، وطهارة الثّيابِ، وطهارَةُ موضع الصّلاة.[١١]
- العلمُ بدخول الوَقت: فلا تَصِحُّ الصَّلاةُ لمن لم يعلم بدخول وقتها، ويمكن الاستدلال على وقت الصلاة بعدّة طرق؛ منها العلم اليقينيّ المُعتمِد على الأدلَّة المحسوسة كالاستدلال بالشّمس على وقت صلاة المغرب حين غروبها، ومنها الاجتهاد القائم على الأدلّة الظنيّة كالاستدلال بالظلّ أو القياس أو التّقليد.[١١]
وقد وضع العلماء مواقيت دقيقة لمعرفة أوقات الصّلاة تُغني المسلمين من عناء معرفة أوقاتها، ويُسمع صوت الأذان في شتى بقاع الأرض، وإنّما تنطبق هذه الجزئية على جاهلٍ أو مسلمٍ يعيش في مكان قفرٍ خالٍ من المسلمين، أو مسافرٍ في صحراء خاليّة.
- سَتر العورة: والعورة المقصودة شرعاً هي كلُّ ما يجب على المسلم أن يستره عن النَّظرُ، وحُدودُ العورة للرّجل في الصَّلاةِ من السُّرَّةِ إلى الركبة، أما بالنِّسبَة للمَرْأَة فحدودها تشمل جميع الجسد باستثناء الوجه والكَفَّين.[١١]
- استقبالُ القِبلة: أن يستقبل المسلم عين الكَعبة إذا كان يُمكنه رُؤيتها مباشرةً، أو أن يستقبل جهة الكعبة إذا كان لا يُمكنه رُؤيتها، ويعتمد بذلك على الأدلَّة الظَنيّة.[١١]
المراجع ↑ رواه ابن جرير الطبري، في مسند علي، عن أم سلمة هند بنت أبي أمية، الصفحة أو الرقم: 166، صحيح. ↑ جمال الدين، محمد طاهر بن علي الصديقي الهندي الفَتَّنِي الكجراتي (1968)، مجمع بحار الأنوار في غرائب التنزيل ولطائف الأخبار (الطبعة الثالثة)، الهند: مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية، صفحة 344، جزء 3. ↑ كمال الدين، محمد بن موسى بن عيسى بن علي الدَّمِيري أبو البقاء الشافعي (2004)، النجم الوهاج في شرح المنهاج (الطبعة الأولى)، جدة: دار المنهاج، صفحة 7، جزء 2. ↑ ابن نجيم، البحر الرائق شرح كنز الدقائق (الطبعة الثانية)، القاهرة: دار الكتاب الإسلامي، صفحة 256، جزء 1. ↑ عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري (2003)، الفقه على المذاهب الأربعة (الطبعة الثانية)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 160، جزء 1. ^ أ ب رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن بريدة بن الحصيب الأسلمي، الصفحة أو الرقم: 2621، حسنٌ صحيح. ↑ "التفصيل في حكم تارك الصلاة"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 12-3-2017. بتصرّف. ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 2620، حسنٌ صحيح. ↑ عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار (1425)، الصلاة وصف مفصل للصلاة بمقدماتها مقرونة بالدليل من الكتاب والسنة (الطبعة العاشرة)، الرياض: مدار الوطن للنشر، صفحة 231. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم ، عن عبدالله بن عمر ، الصفحة أو الرقم: 224، حديث صحيح. ^ أ ب ت ث مصطفى الخِن ومصطفى البغا وعلي الشربجي (1992)، الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي (الطبعة الرابعة)، دمشق: دار القلم، صفحة 122، جزء 1.