تعرف حرب المئة عام بأنّها أطول حرب في التاريخ منذ عهد وليام الفاتح، وهي مصطلح أطلق على سلسلة الصراعات التي نشبت بين فرنسا وإنجلترا، وقد استمرّت مدّة 116 سنة من عام 1337 إلى عام 1453، حيث ادعى بلانتاجانت وهم ملوك الإنجليز والأسرة الحاكمة في المملكة المتحدة أحقية ملكيتهم للعرش الفرنسي والإنجليزي على حدٍّ سواء، بالرغم من ادّعاء عائلة فالو أحقية ملكها لعرش فرنسا فقط، الأمر الذي أدّى إلى الصراع مع فالو حكام المملكة الفرنسية، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ هذه الصراعات استمرّت لخمسة أجيال من الملوك والسلالات المتنافسة، وذلك من أجل الوصل إلى عرش المملكة الأكبر في أوروبا الغربية، علماً أنّ هذه الحرب قوطعت بفترات عديدة من السلام قبل أن تنتهي، ويطرَد الإنجليز من فرنسا باستثناء منطقة كاليه.
أسباب حرب المئة عامقام وليام الفاتح ملك إنجلترا بعد فوزه في معركة هاستينغز بتوحيد إنجلترا مع نورماندي في فرنسا، حيث حكمهما، واعتبر ملكاً لهما، ثم في عام 1327م أصبحت الأراضي المملوكة لإنجلترا في فرنسا تحت حكم هنري الثاني، إلا أنّ الأرض التي يملكها كانت كبيرةً ويصعب السيطرة عليها، لذلك سيطرت إنجلترا على منطقتين من فرنسا فقط، هما: جاسكوني في الجنوب، وبونتيو في الشمال.
معركة إدوارد وفيليب على عرش فرنساتوفي ملك فرنسا تشارلز الرابع عام 1328م، ولم يكن لديه أبناء ليتولوا الحكم من بعده، كما أنّ أشقاءه قتلوا، ولم تكن له سوى شقيقة تعرف بإيزابيلا، وهي والدة إدوارد الثالث، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّه في عام 1316 تم إصدار قرار يحرم النساء من العرش الفرنسي، الأمر الذي منع إيزابيلا من المطالبة بعرش فرنسا لنفسها، وادّعت أنّه لابنها، إلا أنّ الفرنسيين رفضوا المطالبة به، الأمر الذي دفعهم إلى جعل ابن عم تشارلز فيليب ملكاً على فرنسا، وقد أثار ذلك غضب إدوارد إلا أنّه لم يكن بمقدروه فعل شيء حتى أواخر عام 1320م، الأمر الذي دفعه للاستعداد لقتال تشارلز في عام 1337م، لاعتقاده أنّ مُلْك فرنسا من حقه.
حكم إدوارد الثالثحقق إدوارد الثالث الكثير من الانتصارات على الإنجليز، إلا أنه لم يجن موارد كبيرة من الحكم الملكي الفرنسي الأمر الذي وقف حائلاً دون تمكنه من الفتح الكامل، علماً أنه أنشأ جيشاً للقتال في الخارج، وقد منح هذا الجيش المجال لنهب الكنوز مما زاد من غنى إنجلترا، لكن الجيش كان يمتنع عن القتال وقت الحصاد خوفاً على زراعتهم، الأمر الذي أضعفهم.
انتصارات الجيش الإنجليزيكان ملوك فرنسا هم من يملكون الموارد العسكرية والمالية للدولة من الناحية النظرية، كما وكانوا المسيطرون على المملكة الإنجليزية الصغيرة والأكثر كثافةً، إلا أنه من الناحية الفعلية كان الجيش الإنجليزي ناجحاً في حملاته المنضبطة، وفي انتصاراته على القوات الفرنسية، كما وسيطر على العديد من الأراضي الفرنسية، ولا بد من الإشارة إلى أن ابنة شارل الخامس تمكنت عام 1380 وبمساعدة القائد برتراند دي غاسكلين من إعادة احتلال معظم الأراضي المتنازل عنها.
هنري الخامس وتجديد الحربجدد هنري الخامس الحرب بعد توقفها، وأثبت انتصاره عام 1415، ثم غزا نورماندي ما بين عامي 1417م و1418م، الأمر الذي مكّنه من إثبات نفسه، ممّا دفع الفرنسيين لتتويجه ملكاً مستقبلياً لفرنسا بموجب معاهدة تروا عام 1420، ولا بدّ من الإشارة إلى أنه لم ينجح في الجانب السياسي كما نجح في الجانب العسكري، بالرغم من أنّه كان متحالفاً مع الدوقات من بورجوندي.
حكم شارل السابعاستطاع جان دارك عام 1429م رفع الحصار عن أورليانز، ثم حرّر باريس في الفترة الممتدة بين 1436 إلى 1441، وبعدها استطاع شارل السابع أن يصلح الجيش الفرنسي وأن يعيد تنظيمه في الفترة الممتدة بين 1445م و 1448م، حيث تمكن عام 1450م من استعادة دوقية نورماندي في معركة Battle of Formigny، ليستولي بعدها على مناطق غوين في معركة "كاستيون" عام 1453م، ولا بد من الإشارة إلى أنه توفي وهو غير معترف باللغة الإنجليزية، مع الأخذ بالاعتبار أن الأراضي الإنجليزية كانت واسعة النطاق في فرنسا، إلا أنها ظلت محصورةً في ميناء قناة كاليه، وقد خسرتها فرنسا عام 1558، ثم استأنفت مكانتها كدولة مهيمنة في أوروبا الغربية.
المقالات المتعلقة بحرب المئة عام