تعتبر ليبيا من دول شمال أفريقيا، يحدها من الشمال البحر الأبيض المتوسط، ومن الشرق مصر، ومن الجنوب الشرقي السودان، ومن الغرب السودان وتونس، ومن الجنوب النيجر وتشاد، ولا بدّ من الإشارة إلى أن وقوع قطاع أوزو إلى الشمال من تشاد على طول الحدود مع ليبيا أدّى إلى حدوث نزاع بين الدولتين لرغبة ليبيا في ضمّه إلى سيطرتها في حين لم تتنازل تشاد عنه، وقد عرف هذا النزاع بحرب ليبيا وتشاد التي سنعرفكم عليها في هذا المقال.
حرب ليبيا وتشاد أسباب حرب ليبيا وتشاديعود السبب الرئيسي لحرب ليبيا وتشاد إلى ما حدث أوائل الخمسينيات؛ حيث تدخل القذافي زعيم ليبيا في شؤون تشاد، حيث كان يطمح لضم قطاع أوزو لليبيا بالرجوع إلى الاتفاقية الفرنسية الإيطالية عام 1935م بالرغم من عدم مصادقة برلماني فرنسا وإيطاليا عليها، ولا بدّ من الإشارة إلى أن قطاع أوزو عبارة عن شريط من الأرض ممتد من شمال تشاد على طول الحدود مع ليبيا، ويبلغ طوله حوالي 600 ميل، كما يمتد جنوباً إلى العمق نحو 100كم، علماً أنّ عرضه يختلف من منطقة لأخرى.
أدى النزاع بين الدولتين على هذا الشريط إلى نشوب حرب بين ليبيا وتشاد، حيث زعم القذافي أن تشاد تقع في مجاله الحيوي، الأمر الذي يتطلّب منه أن يوليه اهتماماً كبيراً، وذلك من أجل ضمان الحصول على موارد بديلة للبترول، علماً أن ليبيا ادعت أنّ الإقليم كان يقطنه السكان الأصليون المدينون بالولاء للسنوسية، ثم إلى الدولة العثمانية، مستندةً إلى الاتفاق القديم الموقع بين إيطاليا التي احتلت ليبيا، وبين فرنسا التي احتلت تشاد، حيث عقد هذا الاتفاق في روما في السابع من يناير لعام 1935م، وقد تضمن الاتفاق تنازل فرنسا لإيطاليا عن شريط أوزو ليصبح ضمن الحدود الليبية، مع الأخذ بالاعتبار أنّ الجمعية الوطنية الفرنسية قد صادقت على هذه المعاهدة، في حين لم يصادق عليها البرلمان الإيطالي، كما اعتمدت ليبيا أيضاً على معاهدة أخرى تمت عام 1972م بين تمبلباي رئيس تشاد وبين ليبيا، حيث أقرّ تمبلباي أنّ منطقة الحدود تعدّ منطقة تعاون وتضامن، وقد أقرّ في رسالة مذيلة بتوقيعه أنّ شريط أوزو من حق ليبيا، وقد دخلت القوات الليبية إلى شريط أوزو إثر هذه المعاهدة، لتعلن ضمه لها رسمياً عام 1976م.
الخلاف بين ليبيا وتشادبعد تولي القذافي الحكم الليبي توترت العلاقات بين ليبيا وتشاد، الأمر الذي دفع تومبلباي الرئيس التشادي لقطع العلاقات الدبلوماسية مع ليبيا، وفي ذات الوقت قام القذافي بتسليح مجموعة من التشاديين المسلمين وتدريبهم، كما عمل على تسليح الفصائل المعارضة للحكم المركزي في أنجامينا، وذلك لتصعيد الخلافات الداخلية، ولدفعهم لقلب نظام تومبلباي في تشاد، ولزعزعة استقرار البلاد لتبرير تدخل ليبيا في الشئون الداخلية التشادية.
خروج القوات الليبية من تشادطالب واداي بخروج القوات الليبية من تشاد، وعقد مؤتمراً صحفياً، وأعلن خروج القوات الليبية، حيث كان الخروج مفاجئاً، وسريعاً، إذ إنه تمّ خلال أسبوع، الأمر الذي خلق فراغاً عسكرياً في البلاد، وقد استغل "حبري" الموجود على الحدود التشادية السودانية هذا الفراغ، فزجف بقواته إلى العاصمة "أنجامينا" واحتلها، فخرج "واداي"، وأصبح "حبري" رئيساً على تشاد.
تصالح القذافي مع وادايتصالح القذافي مع واداي خوفاً من نظام "حبري"، الأمر الذي دفع "واداي" للعودة إلى ليبيا بعد أن تم تسليحه من القوات الليبية، وقد عاد دون اتفاقٍ دولي، مما دفع الأمم المتحدة للذهاب إلى تشاد للتأكد من صحة تدخل القوات الليبية فيها، الأمر الذي دفع النظام السياسي الموجود هناك إلى استبدال كل الليبيين ذوي البشرة البيضاء بذوي البشرة السوداء حتى انتهاء المراقبة، وذلك خوفاً من الإدانة الدولية.
حرب حبري مع ليبياقام حبري بشن حرب على ليبيا، لتحرير شمال تشاد من القوات الليبية، وقد تمكن من ذلك، واستطاع تحرير كل الأراضي الوطنية، والتي من ضمنها قطاع أوزو، حتى أنه دخل إلى الأراضي اليبية، واستولى على قاعدة الصرة فيها، وانهزمت قوات القذافي هزيمةً كبرى، وأسر منها الآلاف.
قرار محكمة العدل الدوليّةاعترف القذافي بحكومة حبري، وأعلن تسوية العلاقات مع الحكومة المركزية في أنجامينا، وحصل لقاء بين القذافي وحبري في باماكو عاصمة جمهورية مالي بوساطة إفريقية، حيث تمت إعادة العلاقات بين البلدين في الثالث من أكتوبر لعام 1988م، وذلك بعد سلسلة هزائم لحقت بقوات القذافي، الأمر الذي أدى لرفع قضية الخلاف على شريط أوزو إلى المحكمة الدولية، التي أصدرت بدورها قراراً بشأنه لصالح تشاد، وذلك في شهر فبراير من عام 1994م.
المقالات المتعلقة بحرب ليبيا وتشاد