جاء الإسلام بالشريعة الكاملة التي تشمل العبادات والمُعاملات والتي تُنظّم العلاقة بين الفرد والجماعة، وتضع الحقوق وتضع الموازين بالقسط بين الراعي والرعيّة، ونظّم الإسلام شؤون المُتعاملين ولم يدع ثغرةً إلا وسدّها ولم يجعل باباً يدخل من النزاع والتفرقة بين المُسلمين إلّا وأوصده، وحثّنا الإسلام على حُسن الجوار وعلى إكرام الضياف، وجعلَ كلّ ذلك من الإيمان، وأمرنا ببرّ الوالدين، وجعلَ اللقمة يضعها الرجل في فيّ زوجته لهُ بها أجر، وخيركم خيركم لأهله، والأقربون أولى بالمعروف.
كما قُلنا سابقاً انَّ تعاملاتنا مع الآخرين أمرنا الدين بحسن وصلها وحسن آدائها فإنَّك كمسلم يجب أن تكون على خُلقٍ رفيع لأنَّ المُسلم سفيرٌ لدينه ولا يتمثّل بكَ إلّاَ إذا أبرزتَهُ واقعاً عمليّاً بحُسن معاملتك للآخرين، ومن أعظم ما تُحسِن إليهم من الناس هُم الأقربون من ذوي الأرحام الذين تجب عليكَ صِلَتهُم شرعاً وتؤثم على قطعكَ لأواصر الصلة والتراحم الذي ينبغي أن يكونَ بينَكَ وبينهُم، فمن هُم الأرحام، ومن هُم الأرحام الواجب صلتهم كما أمرنا الدين بذلك.
من هُم الأرحام
هُم أولو القُربى الذين تربطهم بنا صلات النسب والذين يجمعنا بهم الرحم الذي أخرج الذريّة الواحدة، فمن بلاغة اللغة العربيّة أن ربطَ العلاقة الأسريّة والأواصر الاجتماعيّة لأصحاب النسب الواحد بالرحم الذي يجمع ولا يُفرّق.
من هُم الأرحام الذين تجب صلتهم
صلة الرحم هيَ ممّا أطلقتهُ الشريعة الإسلاميّة ولم تقيّده، فصلة الأرحام هي أن تقوم بواجبك من البرّ تجاه الذين تربطك بهم صلات النسب وهُم الوالدين الأم والأب والجد والجده أي أنّهم الأصول وإن علت وكذلك الأبناء وأبناء الأبناء وهُم الفروع منكَ وإن دنت، والأخوة والأخوة وأولادهم وذريّتهم، والأعمام والعمات وأبنائهم، والأخوال والخالات وأبنائهم، وتكون الصلة بالزيارة والمُساعدة لهثم إن كانَ فيهم فقير أو جائع فواجبكَ أن تُحسن اليهم بالمال، وليس الواصل بالمُكافىء ولكن الواصل الذي يصل حين يقطعهُ الناس، وتكون الصلة بالسؤال عنهُم وعن احوالهم.
وقطيعة الرحم تكون بأن تهجر رحمك بعدم التواصل معهم أو ان تكون هُناك الشحناء بينك وبينهم وربّما بارزتهُم بالعداء وهذا من أعظم القطيعة، ومن خير اعمال التوفيق بين المُتنازعين هوَ اصلاح ذات البين.
وليست صلة الرحم أمراً صعباً أو تحتاج إلى كثير مجهود وعمل، فقد يكون الرجل في بلد وأرحامه في بلاد شتّى، فلا يبزمك الدين بأن تنطلق إليهم في كلّ مكان حيث هُم، بل ولله الحمد في ظلّ انتشار التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعيّ تستطيع أن تتبادل وإياهم الرسائل وتتحدّث إليهم وتسأل عن أحوالهم وهذا بإذن الله باب من أبواب صلة الأرحام.
المقالات المتعلقة بمن هم الأرحام الواجب صلتهم