مفهوم مهارة الكلام

يُعتبر الكلام أساس الاتصال الشفهيّ بين الناس، والوسيلة الأساسيّة التي يلجأ إليها الإنسان للتعبير عن نفسه وحاجياته منذ الأزل، وهو عبارة عن رموز لفظيّة ولغويّة تجتمع مع بعضها لتؤلّف جملة أو كلمة تهيئ صاحبها للنشاط الاتصالي مع نفسه ومع الآخر، ويُعتبر المعُرِّف الأول عن شخصيّة الفرد؛ فقد قال سقراط لأحد تلاميذه: "تكلّم حتى أعرفك"، وفي هذا المقال سنتحدّث عن مفهوم مهارة الكلام.

يُقصد بمهارة الكلام القدرة العالية على التحدّث، والحوار، والتعبير، أو إيصال فكرة، أو هدف لشخص أو مجموعة أشخاص أو جهة معيّنة؛ وذلك بامتلاك المضمون الجيد والأسلوب؛ فليس مُهماً أن يكون الفرد مُتكلماً أو كثير الثرثرة لنقول أنّه يمتلك فعلياً مهارة الكلام؛ بل لا بدّ أن يشتمل ما يصدر عنه لفظياً على جوهر ومعنى مُحدّد يُشعر المتلقّي بأهميته، كما يجب أن يمتلك المُتحدّث القدرة على التأثير والاقناع؛ وأن يتمتع بقدر عالٍ من الثقة في النفس ليكون كلامه أكثر قبولاً لدى الآخرين.

هناك عدّة شروط ومقومات يجب أن تتوفّر في الشخص المُتكلِّم حتى تكتمل لديه مهارة الكلام ومنها:

• توّفر المعلومات؛ فالمتكلم الذي لا تتوفّر لديه المعرفة بأمر أو موضوع ما؛ حتماً سوف يتعرّض لمشاكل كثيرة أبرزها؛ الإحراج لدى مناقشته شخص يفوقه معرفةً وعلماً، كما أنّ بعض الأشخاص يقتحمون النقاشات دون معرفة مُسبقة بطبيعة الموضوع، ويسارعون للمناقشة على أساس التخمين أو الظن مما يُفقد المُتحدث هيبته وتأثير كلامه على الموجودين في حلقة النقاش.
• التدريب المتواصل؛ فمهارة الكلام كأيّ مهارة حياتيّة أُخرى تحتاج من الشخص ممارستها والتدرّب عليها، حتى صقلها والوصول لمراحل متطورة تُمكّن المتحدّث من تطويع اللغة، وكسر حاجز الخوف عند دخوله في حوار مع الآخرين.
• الاقتناع؛ إن الشخص غير المقتنع بما يقول لن يُقنع الآخرين به، وهذا من شأنه صرف أسماع الآخرين عن حديثه، أو عدم تأثرهم بالأفكار أو المبادئ التي ينادي بها.
• الحيوية؛ إن المُتحدِث بنشاط وحماس سيلقى أُذناً صاغية، وسنجد أنّ الجمهور تواقاً لتلقي ومعرفة المزيد؛ بينما يسبّب غياب اندفاع المتكلمين أثناء الحوار إلى خلقِ جوٍ من الرتابة والنمطية.
• اختيار الوقت المناسب؛ إنّ اختيار التوقيت الجيّد لتقديم مداخلة أو شرح حول موضوع ما، يلعب دوراً مهمّاً في نجاح المُتكلِّم في جذب انتباه الآخرين وتفاعلهم معه، ويؤكّد احترامهم له؛ فعلى سبيل المثال ليس من اللباقة التحدّث عن الأوضاع السياسيّة والحروب في حفل زفاف أحد الأقارب.