الإسلام حرص الإسلام على قوة النسيج الذي يربط بين المسلمين، وذلك ضمن سلسلة من الآداب التي تنظِّم هذه العلاقة وتقوِّيها، وقد جعل الإسلام جملة من هذه الآداب مظهراً حضاريّاً لأسلوب تعامل المسلمين ببعضهم البعض.
امتدت هذه الآداب لتشمل عدة مظاهر وأنشطة في الحياة، فجاءت آيات القرآن الكريم، لتؤكّد على طبيعة العلاقات التي تربط بين المسلمين، فقال تعالى:(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [الحجرات: 10].
كما أنّ هناك عدة أحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم تفصِّل طبيعة هذه العلاقات، وتجعلها معنونة ضمن سلسة من الحقوق، فقال صلى الله عليه وسلم: (حقُّ المسلمِ على المسلمِ خمسٌ . وفي روايةٍ : خمسٌ تجبُ للمسلمِ على أخيهِ : ردُّ السلامِ ، وتشميتُ العاطسِ ، وإجابةُ الدعوةِ ، وعيادةُ المريضِ ، واتِّباعُ الجنائزِ) [صحيح مسلم]، وفيما يأتي تفصيل لهذه الحقوق على ضوء ما ورد في الحديث الشريف وفي بعض آيات القرآن الكريم:
حق المسلم على أخيه المسلم - طرح السلام: وذلك بأن يبادر المسلم إلى ذلك كلَّما التقى بأخيه المسلم، سواء كانت بينهم معرفة أو لم تكن، وما يؤكّد ذلك حديث آخر عن الرسول صلى الله عليه وسلم جاء فيه: (أفشُوا السَّلامَ بينَكُم) [صحيح مسلم].
- زيارة المريض: زيارة المريض لها أثر عظيم في التخفيف عنه، ورفع معنويّاته.
- اتِّباع الجنائز: وذلك بأن يشارك المسلم في تشييع جنازة أخيه المسلم، ففي ذلك الأجر العظيم، والمواساة لأهل الميِّت، وتقوية للعلاقات بين المسلمين، وتذكُّر للموت.
- تلبية الدعوة وإجابتها: والمقصود بها هنا الدعوة إلى وليمة العرس، فقد ذهب الفقهاء إلى أنَّ تلبيتها واجبة، ولكن إجابة الدعوة في زماننا اقترنت باستصحاب الهديَّة، أو ما يعرف بالنقوط، وهي عادة حسنة.
- تشميت العاطس: وذلك بأن يقول المسلم للعاطس يرحمك الله.
حقوق أخرى للمسلم - أساس العلاقات بين المسلمين: حيث حرص القرآن الكريم على أن تكون الأخوَّة في الإسلام وفي العقيدة، هي الميزان الذي يضبط علاقة المسلمين مع بعضهم البعض.
- وجوب الإصلاح بين المتخاصمين: من حقِّ المسلم على إخوته في حال حدوث نزاع أو شجار، أن يهبُّوا لإطفاء جذوته، والعمل على الإصلاح بين المتخاصمين، لقوله تعالى:(فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ) [الحجرات : 10].
- صدق النصح: ورد في أحاديث أخرى عن الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يكون المسلم أميناً في نصحه لأخيه المسلم.
- التعاون: فمن حق المسلم على أخيه المسلم أن يقدِّم له العون والمساعدة في حدود الإمكانيّات المتاحة.
- التوادُّ والتراحم: فمن حقِّ المسلمين على بعضهم البعض أن تنتظم علاقاتهم على أساس المحبَّة والتراحم.
- إغاثة الملهوف.
: ملاحظة: يكون أثر آيات القرآن الكريم والأحاديث النبويَّة الشريفة قوياً ومؤثراً ومحققاً للتغيير المنشود بقدر ما تكون الاستفادة من هذه النصوص والتوجيهات، ومدى تطبيقها في واقع الحياة، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم :(تركتُ فيكم شيئَينِ، لن تضِلوا بعدهما: كتابَ اللهِ، و سُنَّتي، و لن يتفرَّقا حتى يَرِدا عليَّ الحوضَ) [صحيح الجامع].