عُرِفَ العربُ بقوّة لغتهم، وفصاحةِ لسانهم، حتى بلغوا بذلك مجداً لم يكن لغيرهم من الحضارات التي قامت في مشارق الأرض، ومغاربها، فَهُمْ مَن تميّزوا بالفصاحة، والبلاغة، وعمقِ المعنى، والأسلوب، وهم من نَظَمُوا أبياتاً عَجَزت أمةٌ أن تَنظِم بجزالتها منذ أكثرِ من ثلاثةِ آلاف سنة، وحتى هذا الزمان.
تُعتبَر القصيدةُ العموديّة لُبَّ الشعرِ العربيّ، وحَجَرَ أساسِه، فمنها استُخلِصت كلّ أنواع الشعر المستحدث، ومن خلالها برعَت الأجيالُ في نُطْقِ اللغةِ العربيّة الأصيلة، لغةِ قريشٍ الأولى، والتي تُعَدّ من أقوى اللغات التي عُرِفَت إلى الآن، من ناحية عمق الألفاظ، وجزالةِ المعاني، والإبداعِ في التصوير، والوصف، لذا صارت المرجعَ الأولَّ لكل دراسٍ للغة، ومحبٍّ للشعر، والأدب.
مفهوم القصيدة العموديّةتُعرّف القصيدة العموديّة بأنها نوعٌ من الشّعر الذي يعتمد على الالتزام بالمبادىء الأصلية التي استخدمها العرب في نظم الشعر؛ حيثُ تقوم مقامَ المُرشِد، والدليل التطبيقي للغة العربيّة الأمّ، وما خرج منها من بحور الشّعر، ووزن القافية، وإشباع اللفظ بقوة الكلمات، ولعلّ المعلقات التي وصلت لنا منذ أكثرِ من ثلاثةِ آلافِ سنة خيرُ دليلٍ على مكانةِ هذا النوعِ من القصائد، ومن الأمثلة عليها: المُعلّقات العشر التي نُظِمت من قِبَل أعلام الشعر والأدب في العصر الجاهلي وهم؛ امرؤ القيس، وطرفة بن العبد، وزهير بن أبي سلمى، وعمرو بن كلثوم، وعبيد بن الأبرص، وعنترة بن شداد، والأعشى، ولبيد بن أبي ربيعة، والحارث اليَشْكريّ، والنابغة الزبدانيّ.
استطاعت القصيدةُ العموديّة عبر الزمان تصحيحَ لحنِ اللغةِ التي انتشرت في أماكنَ شتّى في العالم العربي؛ حتى إنّ العديدَ من المستشرقينَ، والأدباءِ الأجانبِ أَخَذوا على عاتِقِهم دراستَها باعتبارها طريقةً ممتازةً في دراسة أساسَ اللغة العربية الصحيحة.
خصائص القصيدة العموديّةالمقالات المتعلقة بمفهوم القصيدة العمودية