مفهوم الرحمة

مفهوم الرحمة

الرحمة

تُعرَّف الرحمة لغويّاً على أنها الشفقة، والرقة، وهي ضرب من ضروب الخير، بل وتعتبر لُبَّه، وجوهره، أمّا اصطلاحاً فهي الرقة التي تستلزم، وتدفع بالإنسان الرحيم نحو إسداء الخير، ومدِّ يد المساعدة، والإحسان للآخرين. من التعاريف الأخرى لمفهوم الرحمة أنّها تلك الرقة التي تجعل الإنسان يتألم لألم غيره، ويفرح لفرحه، ممّا يجعله دائماً إلى جانبه.

إنّ مفهوم الرحمة من أكثر المفاهيم قرباً من قلوب الناس، وإن انتشار هذا المفهوم، وغيره من المفاهيم الإنسانية الراقية يعتبر علامة على نجاح الأفكار الإنسانية، والديانات المختلفة في تحقيق غاياتها، ومن هنا فإنّ انتشار الرحمة بين معتنقي أي من هذه الأفكار أو الديانات يعني أنها قادرة على إحداث تغيير واقعي ملموس على أرض الواقع، وأنّها الأصلح لتكون الفكرة التي يجب أن تسود وتسيطر على عقول البشر، طوعاً لا كرهاً، وعن قناعة تامّة.

أهميّة انتشار الرحمة في الأرض

إنّ انتشار الرحمة في أصقاع الأرض المختلفة من شأنه أن يجعل الناس يقبلون على الحياة، ويحبونها، ويبذلون الغالي والنفيس في سبيل تطويرها، وتحسينها؛ فالأرض عندها ستكون خالية من الحروب، والمنغِّصات التي تفتك بالأرواح البريئة الطاهرة، والتي أحالت الدنيا في نظر البعض إلى عبء ينبغي التخلص منه في أسرع فرصة ممكنة.

الرحمة هي سبيل العمران، وتعاون البشر مع بعضهم البعض، كما أنّها طريق الوصول إلى الحقِّ سبحانه وتعالى، والتعرّف على الأفكار الإنسانيّة التي تحمل القيم الفاضلة والخير العميم لسائر أهل الأرض.

إلى جانب ذلك، فإنّ لانتشار الرحمة أثراً على توزيع الموارد بشكل عادل، ووقف احتكارها في يد فئة قليلة من الناس، كما أنّ العلم سيسخر عندئذ لأنبل الأهداف، وأكثرها إنسانية، وليس للقتل، والتدمير، والإفساد في الأرض.

للرحمة أثر مباشر على الإنسان، فهو سيكون أكثر انفتاحاً على الثقافات الأخرى، وأكثر تقبلاً للآخر المخالف، الأمر الذي سيعمل على جعله محبوباً من الجميع، وأكثر قدرة على خلق قنوات اتصال فعّالة مع كافة أصناف الناس دون جعل الاعتبارات العنصرية حجر عثرة أمام ذلك.

الرحمة والناس

من ينظر إلى أوضاع الأرض، وأحوال الناس في يومنا هذا، سيجد أنّ مظاهر الرحمة موجودة، فالخير باقٍ في الإنسان، وظاهر حتى في أسوأ الأوقات، ولكن وعلى الرغم من انتشار الأفكار الأخلاقية بين الناس التي تأسست على الرحمة والتراحم، إلا أنّ مظاهر عدم وجود الرحمة موجودة أيضاً وبكثرة.

كل هذا انعكاس طبيعي للظلم الواقع على الأفراد، ولعدم فعالية الدعوات الأخلاقية، وعدم قدرتها على استيفاء غاياتها بالشكل الأمثل على الرغم من صدقها، ونصاعة جوهرها، إلى جانب ازدواجية المعايير لدى القوى العظمى المهيمنة على العالم، وكثرة الكلام الإنساني العظيم من قبلها، مع عدم وجود تطبيق فعلي له على أرض الواقع، كل هذه الأسباب، وغيرها أدت إلى تشاؤم البعض، وعدم تصديقهم لوجود الحد الأدنى من هذه القيمة الإنسانية العظيمة في حياتهم.

المقالات المتعلقة بمفهوم الرحمة