مفهوم الاستعمار
الاستعمار هو ظاهرة تهدف إلى سيطرة دولة قوية على دولة ضعيفة، من أجل بسط نُفوذها لاستغلال خيراتها في المجالات الاقتصاديّة والاجتماعية والثقافية، وهو بالتالي يُعتبر نهباً وسلباً لمُعظم ثروات البلاد المُستَعمرة، وتحطيم كرامة الشعوب وتدمير تُراثها الحضاري والثقافي، وكذلك فرض ثقافة الدولة المسُعَمِرة، والاستعمار إخضاع جماعة من الناس لحكم أجنبيّ، وتسمى الأراضي الواقعة تحت الاحتلال البلاد المُستعمَرة، وقد وقعت معظم البلاد العربية تحت الاستعمار الأحنبي.
أهداف الاستعمار
- إنَّ أهداف الاستعمار كثيرة منها ما هو ظاهر ومنها ما هو خفيٌّ، وإذا ما تكلمنا عن هذه الأهداف فإننا سنبدأُ الحديثَ عن الأهداف السياسية المتمثلة في هدف الدولة المُستعمِرة في تكوين قوة لها بين دول العالم، فتكون هذه الدولة ذات أهميّة بين الدول، فالولايات المُتحدة ذات سُلطة وقوة عالمية كبيرة تجعلُها في طليعة الدول الكبرى في العالم ونظيرها الاتحاد السوفيتي والمملكة المتحدة.
- أما الأهداف الاقتصادية للاستعمار فتتمثل في حاجة الدول القوية إلى المواد الأولية الموجودة في الدول الضعيفة، وخاصة دول العالم الثالث فهذه الدول غنيةٌ بالمواد الأولية الأساسية الداخلة في الصناعات المهمة؛ كالغاز الطبيعي والنفط كما هو موجود في دول الخليج العربي، إضافة إلى حاجة الدول الكبرى إلى الأيدي العاملة الموجودة في الدول المُستَعمَرة للعمل في أراضيها ومصانِعها بأجورٍ رخيصة، وقد جلعت الدول المُسَتعمِرة من الدول المُستَعمَرة أسواقاً خارجية لتسويق وتصدير الفائض من منتوجها.
- ولا ننسى الهدف الديني والثقافي، والذي يعتبر من أخطر أهداف الاستعمار، والذي يؤدي إلى تدمير ثقافات وعادات وتقاليد الدول المستعمَرة وكذلك التأثير في لغتها، لقد أرسلت الدول الاستعمارية البعثات التبشيرية، وعند البحث في هذا الهدف نجدُ أن لُغة المستعمر تُصبحُ اللغة الرئيسة في هذه البلاد، فاللغة الإنجليزية تُعتبر اللغة الرسمية في المُستعمرات البريطانية؛ كالهند ونيجيريا وجنوب إفريقيا، وتنتشر اللغة الفرنسية في المستعمرات الفرنسية؛ مثل تشاد ومالي والسنغال، وأخيراً تظهرُ اللغة البرتغالية في الموزنبيق بصفتها مستعمرة برتغالية، ونلاحظ أن اللغة الثانية في كثير من الدول هي لغة المستعمر، فالإنجليزية في العراق ومصر والأردن، والفرنسية في دول المغرب العربي، وهو أمر ينسجم مع ما قاله العالم تريتشكا: "إن اللغة هي أساس التجارة المزدهرة، إذ إنّ الأمة لا تفقد مستعمراتها المرتبطة بها باللغة والثقافة حتى لو انقطعت الرابطة السياسية".
محاربة المستعمر
لقد حاربت الدول المُستَعمرة الاستعمار بشتى الطرق والوسائل من أجل الحصول على حريتها والتخلص من هيمنة الدول الاستعمارية عليها، فقد ذكرت كُتبُ التاريخ الثورات التحررية التي قامت بها الشعوب رافضة الاستعمار، ففي ليببا قاد عُمر المختار ثورته ضد الاستعمار الإيطالي والتي انتهت بإعدامه بعد سنوات من النضال والكفاح.
وفي نهاية هذا الحديث لا بد من الإشارة إلى الاحتلال والاستعمار الإسرائيلي الذي ما زالت الأراضي الفلسطينية تُعاني منه، حيث يُناضل هذا الشعب الأعزل بجميع الطرق والوسائل من أجل نيل الحرية كباقي دول العالم، فالشهيد تلو الشهيد، والأسرى الذين يعانون في سجون المحتل أقصى أنواع المهانة والتعذيب، إضافة إلى هدم البيوت وتشريد العائلات والمداهمات والاعتقالات التي لن تُرغم الشعب الفلسطيني عن المُطالبة بحقوقه.