النضال السياسي في الجزائر
انتهج الجزائريون أسلوباً جديداً في مقاومة الاستعمار الفرنسي الذي خضعت له الجزائر خلال الفترة ما بين عامي 1919م-1954م من القرن العشرين، وهو المقاومة السياسية أو ما يعرف بالنضال السياسي، وجاءت هذه الخطوة في ظل سعيهم لتحصيل حقوقهم على أكمل وجه والتمكن منها.
حركة النضال السياسي أو الحركة الوطنية جاءت بعد أن تغلغل الضعف والوهن في المقاومات الشعبية المسلحة؛ وفرض الاستعمار الفرنسي نفوذه على البلاد كاملةً، واعتمدت على أسلوب مختلف كلياً عن باقي أنواع حركات المقاومة التي قادها الجزائريون، فرفعوا اللوائح، وقدموا العرائض الاحتجاجية، وانفرد النضال السياسي في الجزائر بتعددية التيارات، وتباينها فيما بينها، بالإضافة إلى ظهور حركة الشبان الجزائرييّن التي لعبت دوراً مهماً في الميدان السياسي متمثلاً بالمشاركة بالانتخابات البلدية، وتأسيس صحيفة الإقدام.
مظاهر النضال السياسي في الجزائر
- العرائض الاحتجاجية: رفع أعيان الجزائر عرائض احتجاجية للجنرال بيرتزين للمطالبة باحترام الاتفاقية الموقعة بين الداي حسين وديبورمون، ومن أبرز القائمين على رفع هذه العرائض: إبراهيم بن مصطفى باشا، وأحمد بوصربة، وحمدان بن عثمان خوجو.
- تقديم العريضة: قدم أعيان قسنطينة عريضة توضح الانتهاكات الفرنسية، والمخالفات والامتدادات التي مارسها الاستعمار الفرنسي في الجزائر، وهدمه لبيوت العبادة الإسلامية، ومصادرة الأراضي الجزائرية للبرلمان الإنجليزي.
- الرسائل الشخصية: في العاشر من شهر تموز من عام 1833م، أرسل حمدان خوجة رسالة إلى ملك فرنسا لويس فيليب بواسطة لجنة المغاربة؛ لتذكيره ببنود وشروط الاتفاقية الموقعة بين الداي حسين وديبورمون؛ والمطالبة بخروج الجيش الفرنسي.
- التخلي عن المؤسسات الاستعمارية ومقاطعتها: وخاصة تلك التي تطمس الشخصية الوطنية الجزائرية.
- الهروب من السياسة القمعية الاستعمارية: وذلك بالهجرة إلى دول العالم الإسلامي أو أوروبا.
- قيام الحركات الثقافية الفكرية: حيث انبثق عدد من التكتلات السياسية ذات هدف سامٍ، ومن بينها: لجنة المغاربة، وكتلة المحافظين التي طالبت بضرورة المساواة في كافة مجالات الحياة، وخاصة التمثيل النيابي بين الجزائرييّن والمستوطنين، والمساواة في الضرائب، والتخلص من التجنيس والتجنيد الإجباري.
- ظهور جماعة النخبة الليبرالية المجددة: ويرجع تاريخ نشأتها إلى مطلع القرن العشرين، وضمت عدداً من الجزائريين المتميزين بجمعهم للثقافتين العربية والفرنسية معاً، وكان هدفها الانخراط في المجتمع الفرنسي والاندماج فيه، ومن أبرز رموزها: الدكتور ابن التهامي، وتمثلت مطالبها بالتجنيس، وقبول التجنيد الإجباري.
- تأسيس النوادي والجمعيات الثقافية: ومن بينها: الجمعيات الراشدية، والجمعية التوفيقية، ونادي صالح باي، ونادي الترقي.
نتائج النضال السياسي في الجزائر
- إحباط كافة المخططات الفرنسية التي كانت تسعى إلى تهميش الشخصية الوطنية وطمسها تماماً.
- الوعي والإدراك الجزائري لمدى أهمية الوحدة الوطنية في التصدي للسياسة الاستعمارية التي ينتهجها الفرنسيون، فتوّحد الشعب معاً بالرغم من وجود اختلافات فكرية.
- الحفاظ على وحدة التراب الوطني، وتمثل ذلك بانتشار المقاومة الوطنية عسكرياً وسياسياً، وبالتالي فشل الاستعمار بتمزيق هذه المقاومة.
- نشر الوعي الوطني في الجزائر، مما خلق جيلاً قادراً على قيادة الثورة التحريرية وقتها.