بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعل آله وصحبه ومن اهتدى بهداه. أما بعد،
إنّ علم الحديث هو العلم التي يُتَوَصَّل به إلى معرفة أحوال الأحاديث التي تروى عن الرسول من حيث القبول والرّد، فيتم ذلك عن طريق دراسة السند والمتن للحديث النبوي، بالإضافة لدراسة أحوال الرواة للحديث من حيث العدالة والضبط، والسماع والإنقطاع، وكل هذا في سبيل تمييز الحديث الصحيح الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديث الضعيف الذي لم يثبت. والسند: هو سلسلة الرواة، أمّا المتن: فهو الكلام الذي ينتهي إليه سند الحديث. والعدالة: هي التقوى والأخلاق الحميدة التي يَتَّسِم بها الراوي، أمّا الضبط: فهو الحفظ والدقة في رواية الحديث.
قام العلماء الذين وضعوا أصول وقواعد علم الحديث بالاتفاق على مصطلحات معينة يسمون بها مختلف أنواع الأحاديث التي تروى عن الرّسول، فالحديث الذي يتّصل إسناده بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط، ولا يكون شاذًا ولا معللًا، يسمى عن العلماء بالحديث الصحيح. والحديث الحسن هو الحديث الذي استوفى شروط الصحّة، ولكن اختلت صفة الضبط عند أحد رواته أو بعضهم. أما الحديث الضعيف فهو الذي لم تجتمع فيه صفات الحديث الصحيح أو الحسن. ويندرج تحت هذه الأنواع من الأحاديث تقسيمات عدة لا مجال للخوض فيها كلها، وإنما نذكر منها ما يفيدنا في هذا المقال، فمن أقسام الحديث الضعيف: (الحديث الضعيف بسبب عدم اتصال السند)، ويندرج تحت هذا القسم (الحديث المرسل).
الحديث المرسل عند جمهور علماء الحديث هو نوع من أنواع الحديث الضعيف من جهة عدم اتصال السند، ومنهم من يسمي الأحاديث الغير متصلة عمومًا بأنها أحاديث مرسلة، ولكن الأشهر أن الحديث المرسل هو: الحديث الذي يرويه التابعي عن الرسول صلى الله عليه وسلم. فالتابعي لم يلق الرسول صلى الله عليه وسلم، ولهذا فروايته عن الرسول تعد منقطعة، فالحديث المرسل ليس بحجة، حيث قال الإمام مسلم: « المرسل من الروايات في أصل قولنا وقول أهل العلم بالأخبار ليس بحجة » [صحيح مسلم، المقدمة، ص30].
وقد ينجبر الحديث المرسل بحديث آخر فيتقوى به، وعند بعض العلماء إذا كان الحديث المرسل قد أرسله أحد الكبار من التابعين كالتابعي الجليل: (سعيد بن المُسَيِّب)، وانضم إليه ما يؤكده، فإنه يعتبر مقبولًا عندهم فيحتجون به، ومنهم الإمام الشافعي رحمه الله.
ومن الأمثلة على الحديث المرسل: عن ابن جريح، عن عطاء: « أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صعد المنبر أقبل بوجهه على الناس، فقال: السلام عليكم. » [أخرجه عبد الرزاق في المصنف]، [راجع: تيسير علوم الحديث للمبتدئين، ص42].
فهذا الحديث مرسل ضعيف؛ لأن عطاء بن أبي رباح هو تابعي كبير.
المقالات المتعلقة بما هو الحديث المرسل