(( مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ وَلَمْ يُضَحِّ فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا))
[ أحمد عن أبي هريرة]
و قد استنبط السادة الأحناف من هذا الحديث الشريف أن الأضحية ترقى إلى مستوى الواجب لأن قول النبي عليه الصلاة و السلام فلا يقرب مصلانا فيه وعيد و فيه تهديد . فالأضحية أيها الأخوة شعيرة من شعائر المسلمين في عيد الأضحى المبارك ، واجبة مرة في كل عام على المسلم الحر البالغ العاقل المقيم الموسر ، المسافر ليس عليه أضحية ، الموسر من وجد سعة و لم يضح .
أيها الأخوة ، العلماء يرون أن إطعام الطعام أفضل من إنفاق المال ، و الحكمة لا تخفى عليكم أن الأب قد يكون مديناً ، الأيام أيام عيد فإذا جاءه مبلغ من المال قد يجتهد أنه إذا سدّ الدين أولى ، و يبقى أطفاله جياعاً ، أما حينما يأتيه اللحم فلابد من أن ينتهي اللحم إلى بطون أولاده الجياع ، فلذلك إطعام الطعام أبلغ من إنفاق ثمن الطعام ، بالمناسبة هذه لفتة أنت كإنسان يتمنى أن يدعو إلى الله عز وجل بطولتك ليس مع المؤمنين هم مؤمنون ، لكن بطولتك في الدعوة مع الطرف الآخر ، مع الذين لا يصلون ، مع الذين لا يحضرون مجالس العلم ، لا يلتزمون بمنهج الله عز وجل ، هؤلاء لو دفعت إليهم شريطاً لا يسمعونه ، لو أعطيتهم كتاباً لا يقرؤونه ، لو دعوتهم إلى مسجد لا يلبون الطلب ، إلا أنك إذا دعوتهم إلى طعام يأتون ، فقد يكون إطعام الطعام مناسبة لجمع الناس على الله عز وجل ، لذلك المؤمن حينما يطعم الطعام ينوي أن يجمع الناس على الله ، يبارك الله له في ماله ، و غير المؤمن حينما يجمع الناس على الطعام ليظهر بيته و فخامة بيته و براعته ، فرق كبير و شاسع بين المؤمن الذي يطعم الطعام و بين غير المؤمن الذي لا يطعم الطعام ، فمن هنا كان تقديم اللحم أفضل من تقديم ثمن اللحم، من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
((مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ يَوْمَ النَّحْرِ عَمَلًا أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ هِرَاقَةِ دَمٍ))
[الترمذي عن عائشة ]
دم الأضحية طبعاً ، لذلك الأضحية تأتي يوم القيامة بقرونها :
(( وَإِنَّهُ لَيَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَظْلَافِهَا وَأَشْعَارِهَا وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا )) [الترمذي عن عائشة ]
هكذا حدثنا النبي و هو الصادق المصدوق ، هكذا أمرنا لكن على المسلم الحر البالغ العاقل المقيم الموسر ، و من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال :
((عَنْ أَنَسٍ قَالَ : ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ فَرَأَيْتُهُ وَاضِعًا قَدَمَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا يُسَمِّي وَيُكَبِّرُ فَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ ))
[متفق عليه عن أنس]
إذاً الأضحية واجبة على كل موسر لكن النبي عليه الصلاة و السلام لحكمة بالغة الأضحية بالذات سمح لك أن تأكل منها ، و سمح لك أن تهدي منها ، معنى تهدي أن الذي تهديه الأضحية قد لا يكون فقيراً ، و سمح لك أن تتصدق ، فجزء تأكل منه و جزء تهديه إلى أصدقائك و أصحابك و جزء تتصدق به على فقراء المسلمين ، إذاً هي شعيرة من شعائر المسلمين .
المقالات المتعلقة بحديث عن الأضحية