تميّزت الأحاديث التي رواها رسول الله صلّى الله عليه و سلّم عن ربّه سبحانه و تعالى عن غيرها من الأحاديث فسمّيت أحاديث قدسيّةٍ نسبةً إلى القُدس أي الله جلّ و علا ، فقد حدّث النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم أصحابه بأحاديثٍ و خصّهم بمواعظ و علّمهم مناسك و أحكام ، فقد أوتي النّبيّ القرآن و مثله معه و هو السّنة المشرّفة المطهّرة و هي كلّ ما ورد عن النّبيّ عليه الصّلاة و السّلام من فعلٍ أو قولٍ أو تقريرٍ أو صفةٍ ، فكانت سنته هدياً و نوراً ، و قد حرص الصّحابة على سماع الأحاديث عن النّبيّ عليه الصّلاة و السّلام حرصاً شديداً ، بل إنّ بعضهم كأبي هريرة كان يلازم النّبيّ و يكثر من مجالسته و السّماع عنه حتى اشتهر بأنّه أكثر من روى عن رسول الله ، فكلامه الصّحابة على ذلك خوفاً من تساهله بالرّواية عن أشرف الخلق ، فبيّن لهم أنّه كان من فقراء الصّفة و كيف شغله ملازمة رسول الله بينما شغل بعض الصّحابة الصّفق في الأسواق .
و قد عني العلماء بدراسة الحديث الشّريف و جعلوا له علوماً كثيرةً كعلم تراجم الرّجال الذي يبحث في أحوال رواة الحديث ، و كذلك علم تخريج الأحاديث أي بيان صحتها أو ضعفها إلى غيره ، و كان من العلماء الذين اشتهروا في هذا المجال الإمام البخاري و الإمام مسلم ، حتى عدّ كتابهما أصحّ كتابين بعد كتاب الله عزّ وجلّ .
و من بين الأحاديث النّبويّة كانت الأحاديث القدسيّة التي نسبت الى الله عزّ وجلّ ، فمن سماتها أنّها تنسب لله بمعنى أنّها بلفظ الرّسول عليه الصّلاة و السّلام و لكن منسوبة لله ، و كذلك فإنّ الأحاديث القدسيّة غير متعبدٍ بتلاوتها و لا تقرأ في الصّلاة كحال القرآن ، و هي غير معجزةٍ للبشر بمعنى أنّها خاضعةٌ للدراسة و التّمحيص لبيان مدى صحة نسبتها و سندها ، فهي مهما بلغت من الصّحة ظنيّة الثّبوت و القرآن الكريم قطعيّ الثّبوت ، كما أنّ الأحاديث القدسيّة تركّز على المواعظ و التّرغيب و التّرهيب و تودّد الله إلى عباده و لطفه بهم ، بينما الأحاديث النّبويّة هي أحاديثٌ شملت الأحكام و المواعظ و العبر و غيرها ، و من الأحاديث القدسيّة حديث من عادي لي و لياً فقد آذنته بالحرب ، و ما تقرّب إلي عبدي بشيءٍ أحبّ إلي ممّا افترضته عليه و لا يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنّوافل حتّى أحبّه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به و بصره الذي يبصر به و يده التي يبطش بها .. ، و لأن سألني لأعطينّه و لإن استعاذني لأعيذنّه و ما تردّدت عن شيءٍ ترددي عن نفس عبدي المؤمن يكره الموت و أكره مساءته .
المقالات المتعلقة بما هي سمات الحديث القدسي