عندما و صل المكتشف كريستوفر كولومبوس إلى أمريكا وجد الهنود الحمر يزرعون مادّة التّبغ ، و منذ ذلك الحين عرفت البشريّة تلك المادّة الخبيثة التي انتشرت إلى أوروبا أوائل القرن الخامس عشر الميلادي ، ثمّ ليطال شرّها البلاد العربية عند دخول الاستعمار إليها ، و انتشرت بعدها انتشار النّار في الهشيم حتّى أصبح الملايين في الوقت الحاضر يتعاطون تلك المادّة الخبيثة المضرّة على امتداد العالم العربي و الإسلامي .
و إنّ خطر مادّة التّبغ و ضررها لا يقتصر على الضرر الفردي ، حيث دلّت الأبحاث و الدّراسات الحديثة على أنّ مادّة التّبغ هي مادّةٌ مضرّةٌ و تحتوي موادّ سامّة ، و إنّما يتعدّى ضرر تلك المادّة ليشمل المحيطين بالشّخص المدخّن ، و كذلك المجتمع الذي يعيش فيه ، فالتّبغ يحتوي على مادّة النيكوتين التي تجعل الشّخص المدخّن مدمناً على هذه العادة غير قادرٍ على التّخلص منها بسهولة ، كما أنّ التّبغ و عند احتراقه يخرج موادّ سامّةٍ مثل أول أكسيد الكربون و الأمونيا و غيرها ، و إنّ مادّة التّبغ كما أكّدت الدّراسات الطبّية هي عاملٌ أساسيٌ و رئيسي للإصابة بأمراض سرطان الرئة ، و المدخّن يضرّ غيره عن طريق شمّ رائحة الدّخان و استنشاقه و هو ما يطلق عليه التّدخين السلبي ، و إنّ ما ينفق على مادّة الدّخان من خلال الأشخاص المتعاطين يعدّ بالملايين ، و ما تنفقه الدّولة على علاج الأشخاص المصابين بالسّرطانات و الأمراض النّاتجة عن الدّخان يقدّر بملايين الدولارات سنويّاً ، فما حكم هذه الآفة شرعاً ؟ .
بعد أن تعرفنا على ضرر مادّة الدّخان بأشكالها المختلفة كما أكّد على ذلك الأطباء ، ندرك تماماً أنّ من مقاصد الشّرع هو حفظ النّفس و عدم الإتيان بأفعالٍ من شأنها الإضرار بها ، و القاعدة الشّرعيّة تقول لا ضرر و لا ضرار ، فالضّرر واضحٌ في الدّخان و لا يخفى على أحد ، و الحكم في الإسلام يدور مع العلّة وجوداً و عدماً ، فإذا ثبتت علّة المضرّة وجد حكم التّحريم و تأكّد ، فلا عبرة لمن يتحدّث عن إباحة تلك المادّة الخبيثة أو كراهتها لأنّ ضررها أصبح بيّناً واضحاً و لا يحتاج لنقاش ، فعلى المسلم اجتناب هذه المادّة الخبيثة و اجتنابها .
المقالات المتعلقة بما حكم شرب الدخان