التاريخ البشريّ بمجرّد أن أنشأ الإنسان أوّل حضارة له على وجه الأرض - وذلك حينَ كانَ آدم عليهِ السلام خليفةً في الأرض وبنوه -من بعده - بدأ التاريخ البشريّ وبدأَت معهُ مسيرة الإنسان على هذهِ الأرض.
إذا تحدّثنا عن التاريخ فإنّنا بلا شكّ نقصد بها الأحداث التي وقعت على مرّ الزمن وتشمل هذهِ الأحداث أخبار الأمم والحضارات والوقائع التي مرّوا بها، وكذلك أخبار الأشخاص الذين مرّوا في الزمان الماضي البعيد والقريب وتوقيت زمانهِم وأبرز ما صنعه هؤلاء الأشخاص الذين هُم مشاهير البشر من الأنبياء والرُسُل والملوك والزُعماء، وللتاريخ أهميّةٌ عظيمة ينبغي الوقوف عندها وأن نكونَ على عِلمٍ بها وذلك من أجل دراسة التاريخ على ضوء معرفة أهميّة هذا العِلم الأصيل.
أسباب دراسة التاريخ كما أسلفنا الذِكر فإنّ للتاريخ أهميّةً كبيرة أوجبت الأسباب التي دعت لدراسته، وفي بضع نقاط يسيرة نتحدّث عن السؤال الذي يقع على لسان الكثيرين وهو لماذا ندرس التاريخ؟ والإجابة هي كالتالي:
- تُعين دراسة التاريخ على معرفة الحضارات الإنسانيّة التي مرّت على مدى حياة الإنسان ومعرفة ترتيبها الزمنيّ، وبالتالي تحديد ما ينبثق عن هذا التقادُم الزمنيّ من حُقوق للأجيال وللدول التي جاءت تتبع لجذور هذهِ الحضارات، فمثلاً للعرب المُسلمين وجود تاريخيّ في بعض البلاد سبقت وجود غيرهِم ممن يدعون وجودهم الأصيل فيها. عِند وجود شواهد تاريخية واضحة ومُثبتة علميّاً وأثريّاً ومن خلال روايات تاريخيّة مُسندة، فإنَّ الحُجّة التاريخية تكون الفيصل للحُكم في هذه المسألة على سبيل المثال.
- تفتح لك دراسة التاريخ الفُرصة لفهم الشخصيات التاريخيّة التي مرّت عبر العُصور القديمة والحديثة ومعرفة سيرة حياتهم وكيفية وصولهِم للمستوى الذي جعل التاريخ يذكرهُم وبالتالي تستطيع أن تُضيف حجراً في رُقعة فهم الطبيعة الإنسانيّة في ضوء دراسات الشخصيات التاريخيّة عبر الزمان، فالإنسان هوَ الإنسان ولكن تتغيّر أنماط تفكيره بحسب الواقع الذي يعيشه.
- تضعك دراسة التاريخ أمام فهم أحوال الامم السابقة بين النهضة والسُقوط وبين الحضارة والتراجع إلى الوراء، فأنت تمرّ بدراستك للتاريخ في سفرٍ عبر الزمن تستطلع بهِ أخبار من سبقوك وأحوالهِم.
- تفيد دراسة التاريخ وخُصوصاً في التاريخ الإسلاميّ في معرفة كثير من الأمور المُرتبطة بالشريعة الإسلاميّة كرواية الأخبار الإسلاميّة ولا سيّما الأحاديث النبويّة وأسباب النُزول التي جاءت مُقترنة بأحداث مُعيّنة دعت لنُزول الآيات الكريمة، كما أنَّ هُناك ما يُعرف بالناسخ والمنسوخ في الأحكام المُستندة إلى القُرآن الكريم ولولا معرفة تاريخ النزول بحسب الأحداث لما تعيّن فهم أيّها الناسخ وأيّها المنسوخ.
- تفيد دراسة التاريخ في التخطيط نحو مُستقبل أفضل من خلال الاتّعاظ بأحوال السابقين وتدارك الأخطاء التي وقعوا فيها، فيكون فهم التاريخ ومعرفة الماضي منها سبباً لتلاشي الوقوع في مآزق سبقنا إليها غيرنا، فكما يقولون " التاريخ يُعيد نفسه".