محتويات
دمشق
تعتبر مدينة دمشق -العاصمة السورية حالياً- أقدم عاصمة مأهولة بالسكان في التاريخ، وقد أخذت هذه المدينة التاريخية مكاناً مرموقاً في خلال الألف الثالث ق.م، وأصبحت هذه المدينة عاصمة الدولة الأموية وذلك عام 661م، والكثير من المؤرّخين يقولون أنّه وفي نهاية الألفية الثانية أسّس الملك آرامي ريزون مملكة خاص بها في دمشق.
دمشق عبر التاريخ
لقد عُرفت هذه المدينة عند المؤرّخين على أنّها أقدم مدينة في التاريخ الإنساني، والتي ما زلت عامرة بالسكان إلى الآن، حيث يذكر المؤرّخين العرب في العديد من كتبهم ومصادرهم الخاصة أنّ دمشق ترجع إلى زمن سيدنا آدم -عليه السلام-، والذي كان يعيش في أحد ضواحيها والتي تسمّى (بيت أبيات)، ويذكرون أنّ حواء كانت تُقيم في قرية أخرى وتسمى (بيت لهيا)، والكثير من المؤرّخين الذي تحدّثوا عن هذه المدينة القديمة، يذكرون أنّها كانت موطن سيدنا إبراهيم -عليه السلام-، ويقول آخرون أنّ دمشق كانت مسقط مولده، وكان والده يعمل على نحت الأصنام في هذه المدينة.
يقول البعض أنّ هذه المدينة ترجع إلى نسل نوح -عليه السلام-، وأنّ الذي بناها هم أحفاده، وقيل أيضاً أنّه تم تأسيس حائط معبدها من قبلهم إذ يعتبر أقدم حائط في التاريخ، وبالرغم من أهمية أقوال المؤرّخين العرب، ودلالتها العظيمة في تاريخ دمشق، ومنزلتها المرموقة في التاريخ، فإنّ هذه الروايات القديمة تبقى من الأقوال غير العلمية، أو الأساطير، لأنّها لم تستدل إلى الطرق العلمية في النقل والكشف، لكن سوف نذكر في هذا المقال، ما أخبرنا به المؤرّخون الذين اتبعوا الطرق والأساليب العلمية في سرد تاريخ المدينة، وكذلك علماء الآثار وما توصلوا إليه.
حضارة العاصمة دمشق
إنّ الفترة الواقعة بين الألف الثامن قبل التاريخ الميلادي والألف السادس، تعتبر من أهمّ الفترات في تاريخ بلاد الشام عموماً، وتاريخ مدينة دمشق بشكلٍ خاص، ففي هذه الأماكن الجغرافية من العالم، ظهر النضج والتكون المكاني قبل أي مكان في العالم، وحدث في هذه البقعة العديد من التحولات الهامة، والتي يمكن ذكر عوامل هذه التحولات على شكل نقاط، كالتالي:
نضجت التحوّلات في بداية الألف الثامن قبل التاريخ الميلادي في البلاد الشامية وكان ذلك في بداية العصر النطفي، وظهرت المجتمعات والتي استقرت في قرى الصيادين الأولى، وابتكرت طريقة أو إنتاجاً جديداً، يوفر لها سبل عيشها بشكلٍ أفضل، حيث انتقلت من التقاط الثمار وصيد الحيوانات إلى الإنتاج من خلال الزراعة، وتربية الحيوانات والماشية، ثم تطورت الزراعة في عصر الإنسان القديم وشكلت قفزة كبيرة، أو حالة تطورية جيدة في التاريخ أجمع.
إنّ للعوامل الجغرافية والبيئة دور هام في منطقة الشامية، وبالأخص مدينة دمشق، حيث كانت هذه المدينة معروف في التاريخ بوفرة المياه، والتربة الغنية الخصبة، وهذا الذي ساعد الإنسان في المكوث بهذه المدينة وتعميرها، ويعتبر المؤرّخون هذه الأسباب من أهم الأسباب في توطّن الإنسان بهذه المدينة مبكراً، والذي دعم ذلك الحفريات الأثرية الموجودة في هذه المدينة في مواقع عديدة، وذلك مثل: تل أسود، وتل الرماد، والحزامي، والغريقة، وتعتبر هذه المناطق من أهمّ المناطق التي تدل على أثر هذه المدينة، وتثبت تاريخها. وسوف نتناول هذه المناطق بشيء من التفصيل.
مناطق مدينة دمشق تل أسود
يقع في غوطة دمشق، يرتفع هذا التل عن السطح حوالي 5 أمتار، وفي هذه المنطقة قام علماء الأثر بإجراء العديد من التنقيبات، وتقنيات المعتمدة على الكربون المشع، ومن خلال ذلك تم التوصل إلى أن عمر الاستقرار البشري يعود إلى الفترة ما بين 7790 -6690 ق.م، وهو العصر الذي يعرف بالعصر الحجري الأول.
بالرجوع إلى أسلوب البناء، والمعدات والأدوات الحجرية والصوانية التي تم اكتشافها في هذا المكان، وغير ذلك من الآثار، تثبت أن هذه المُكتشفات في تل أسود تتألف من أبنية التي تأخذ الشكل المُستدير، والمتقاطعة مع بعضها البعض، وكذلك عثر المنقّبون في هذه الأبنية على مادة اللبان الممزوج بالتبن، لذا فسر علماء الآثار ذلك بأن هذا التل مكون من عدة أكواخ صغيرة، المتلاصقة مع بعضها البعض، وتشير الدلائل إلى أن هذه الأكواخ تعرضت للحرائق، ووجد كذلك العلماء الدمى البشرية المصنوعة على هيئة أنثى، ويدل ذلك على البدايات التصورية الفنية لدى الإنسان القديم في هذه المدينة العريقة، كما وعثر المنقّبون على آثار مادية تؤكد نمو التطور البشري واتساعه، وكذلك وجد العديد من الصناعات الحجرية في هذا التل، ووجد كذلك مجموعة من التماثيل البشرية المُسطحة وذات أشكال متعددة.
تل الغريقة
يقع هذا التل إلى الغرب من تل أسود، وعثر في هذا المكان على عدة أبنية مشابهة لتل أسود، يرجع علماء الآثار هذه التل إلى الفترة ما بين 6900 -6300 ق.م، ويظهر هذا التل أسلوب حياتي مماثل للتل السابق، وعثر في هذا التل على تمثل صغير يأخذ الشكل الأسطواني، بقاعدة محددة يعتقد العلماء أنّها تمثل أحد المعبودات البيتية، ويقول العلماء أن الدور الزراعي في هذه المنطقة انحدر بشكل ملفت وذلك بسبب الصيد، وتحول السكان إلى الصيد.
تل الرماد
يقع إلى الجنوب الشرقي من دمشق، قرب بلدة قطنا. وقد اكتشف هذا التل في ثلاثينيات القرن الماضي، وأعيد اكتشافه بشكلٍ أوسع في الستينات من القرن الماضي أيضاً، وقامت بعثة فرنسية في ستينات القرن الماضي بتنقيب هذه التل، لما يحوي من آثار واضحة تدل على وجود إرث تاريخي كبير، واكتشفت هذه البعثة وجود ثلاث طبقات أثرية، وهي:
هذه الآثار كما يقول معظم علماء الآثار والتنقيب، تعتبر أقدم آثار مادية موجودة على سطح هذا الكوكب الأزرق، فهي تدل على نشوء القرى البدائية، وتشييد المنازل البسيطة، وطرق الصيد والزراعة والتجارة البسيطة، ويستدل على هذه الآثار الموجودة في مدينة دمشق، على أنّها أقدم عاصمة أو مدينة تواجد فيها الإنسان القديم وخلف بقاياه الدالة عليه.
المقالات المتعلقة بما هي أقدم عاصمة في التاريخ