إن الله تعال هو الرقيب علينا وهو الحسيب، الذي يعلم ما تخفي صدورنا وما نضمره من أحقاد ونوايا سيئة، ويعلم أيضاً ما تخفيه صدورنا من طيبة وحب وتسامح ورحمة، لهذا فالله عندما سيحاسبنا على أعمالنا التي عملناها خلال حياتنا الدنيا، لن يكون الحساب حساباً عادياً كحساب الناس بعضهم لبعض على ظواهر الأمور، بل سيكون حساباً من نوع آخر حساب فريد من نوعه ليس كمثله أي نوع من انواع الحساب، فقد انعم الله تعالى علينا نعماً كثيرة، ورزقنا بالعقل والروح وأرسل لنا رسله وأنبياءه ليبينوا لنا الطريق الحق والسراط المستقيم الذي يجب علينا أن نتبعه في هذه الدنيا حتى يكتب لنا الفلاح في الدنيا والآخرة، ومن هنا كان لزاماً على الإنسان ان يستخدم هذه النعم ليتعرف بها على الله تعالى ووقن حق يقين بأنه لا إله إلا هو خالق الكون ومدبره، لينطلق بعدها في رحلة العبادة والتقرب من الله تعالى، والعبادة والتقرب من الله لا يكونان بكثرة العبادة والتقرب منه عز وجل بطريقة ميكانيكية آلية، مع أهمية هذه العبادات، إلا أن الله عز وجل يتقرب إليه عن طريق الأخلاق الحميدة والقلوب النقية الصافية الخالية من أية أحقاد واغلال.
عند معرفتنا كل هذا ندرك أننا أمام إله عظيم كل العظمة، ليس كمثله شئ لا في الأرض ولا في السماء ولا في أي مكان سواء داخل إدراكنا أو خارجه، من هنا ستتجلى هيبة الله في قلوبنا ونعلم أننا كنواة ذرة الرمل وأصغر إذا ما وضعناها بجانب الكون، صفر مطلق بجانبه – جل في علاه -، والهيبة تسبقها الرهبة والخوف من عقاب الله تعالى، وعندما نصل إلى كل هذا نكون قد وصلنا إلى رضا الله تعالى وتكون التقوى قد جللت قلوبنا وعمرت نفوسنا، فنبتعد تلقائياً عن المعاصي ونقترب تلقائياً من المكارم والمحاسن، فنفوز في الدنيا والآخر. بعبارة أخر إذا أردنا الخوف من الله علينا أن نعرف وندرك من نعبد، وحتى نعرف من نعبد يجب علينا استخدام الأدوات والمعطيات التي بين أيدينا، العقل والروح والقلب وأن نقبل على العلم بشتى انواعه وأن نسأل حتى نتعلم ونعي الحقائق صغيرة كانت أم كبيرة، وان لا نسلم عقولنا إلى من هم مثلنا بل يجب أن نطلق العنان لانفسنا لنسبح في ملكوت الله، فمن يدرب لعلنا حينئذ نستحيل إلى نفوس كونية يحبها الله تعالى ويتباهى بها أمام خلقه كلهم ونسعد في الدنيا ونفوز بالآخرة.
المقالات المتعلقة بكيف يكون الخوف من الله