تعني الثقة بالله عز وجل ان نتيقن ونعلم أن الله تعالى عنده الخير الكثير وتعني أيضاً أن ندرك أن الله تعالى لن يفعل شيئاً ليضرنا به، فالخير كله من عنده والشر كله من عند الإنسان والشيطان، من عند الإنسان بسبب الأحقاد والأطماع والشرور التي ملأت قلبه، ومن عند الشيطان لان الشيطان مصدر كل شر، وهو الذي يقف بوجه الإنسان حتى يمنعه من ان يعرف طريق الله تعالى ويغويه ويبعده عن الصراط المستقيم، ومن هنا لزمنا أن تكون قلوبنا واثقة بالله تعالى معلقة به، لأن الثقة بالله مآلها الفلاح، فمن يثق بالله ويعلم علم اليقين أنه الحكيم خبير العالم يعلم ما لا نعلم ويدبر لنا أمورنا أفضل من تدبيرنا نحن لأمورنا، لأن الله تعالى محيط بأمور الكون كله وبأمور عباده جميعاً لأجل هذا فالتدبيرات والخطط التي يرتضيها لنا قطعاً هي الأفضل لنا ولحياتنا ولآخرتنا أيضاً.
صور لنا البعض الله على أنه الإله الذي سوف يعذب أكثر أهل الأرض وأكثر الناس متناسين أننا في كل صلاة وفي كل ركعة نحمد الله رب العالمين ويومياً نسمي بالله الرحمن الرحيم على الأقل عشرين مرة، متبعين أسلوب الترهيب والتخويف من الله تعالى، معللين ذلك بأن الإنسان إذا خاف استقام على الطريق القويم. قطعاً لم يدرك هؤلاء حقيقة أن القرآن الكريم وهو كلام الله تعالى، قد عرض صورة الله تعالى لنا على انه أرحم منا بأنفسنا، وهو المتتبع لنا والمنقذ لنا منا نحن فيه من ضلال، يحبنا ويرغبنا في حبه لا إله إلا هو، وهو بالتالي يدعونا لان نثق به ثقة مطلقة، لأن من المستحيل ومما يتنافى مع المنطق ان يكون من يحبنا ومن يريد لنا الخير ومن يدلنا عليه هو نفسه الذي يريد بنا الشر، فالتناقض بين الموقفين باد وواضح لا يحتاج لا إلى تفسير ولا إلا تعليق، فباختصار شديد نحن نثق بالله تعالى لأنه الرحمن الرجيم بنا الذي يعلم ضعفنا ويعلم أمرنا ويدبر أمورنا – جل في علاه -، ومن هنا يجب أن نتيقن من حقيقة أن لا تنقطع آمالنا بالله تعالى مهما اسودت الطرق أما أعيننا فالله لن يضيع أحداً، ولنعلم أن الخير هو العام في الكون اما الشر فهو الاستثناء، وأن الشر ضروري ولا بد منه حتى نعمل على إظهار أفضل ما فينا، ونكون بذلك قد أظهرنا اننا حققنا غاية الله تعالى فينا وهي اننا نسعى وبكل جهدنا لأن نقترب منه ومن صفاته.
المقالات المتعلقة بكيف نثق بالله