الوقت في الإسلام إنّ الله تعالى قَد أنعَمَ علينا الحياة، وَكُلّ إنسانٍ لَديهِ عُمرٌ مُحَدّد وَضَعَهُ الله تعالى لا يُقَدّم ساعَة ولا يُؤخِّر، وإذا جاءَ أجلُ المَوت سَيُسألُ العَبدُ عَن وَقتِهِ فِيما أفناه وَعَن عُمرِهِ فِيما ضَيّعه، وَجميعُنا سَنُوضَعُ فِي هذا الاختبار وسنسألُ عَن كُلّ دقيقة، ولم يأتِ فِي أيٍّ مِنَ الأديان التي تُعَظّم الوقت مِثلَ الإسلام؛ حيثُ قال الله تعالى: "قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلا قَلِيلاً لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ فَتَعَالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ" سورة المؤمنين:112-116، فالله تعالى لَم يَخلِقُنا عَبثاُ ولهواً ووضع الوقت لنستغلّهُ، لذلِكَ دَعنا نَقُوم بالتعرّفِ على أهميّة الوقت فِي الإسلام مِن خِلالِ مَوقِع مَوضُوع.
أهمية الوقتِ فِي الإسلام - استغلالِ الوَقِت لِكَسبِ رِضا الله: إنّ عِبادَ الرّحمن حَريصون كل الحرص على استغلالِ كُل ذرّة مِن أعمارِهِم المَحدُودَة فِي مُحاوَلَةِ كَسبِ رضا الله تعالى للفَوزِ بالجنّة والابتعادِ عَنِ النار، لذلِكَ على المُسلِم أن يَحرِصَ على تقديمِ ما يستطيع مِنَ الخيرات والإيمانِ بالله وإدراكِ قيمةِ الوقت في تحديد مصيرهُ، لأنّ الامتحان الأهَم والأعظم فِي حياةِ الإنسان هي أن ينجو مِن عقابِ الله وسخطه قبلَ أن ينتهي العمر ويذهب ريحه، لذلك سنحاسَب على كلّ ثانية فِيما قدّمناه سِواء كان بالخير أو الشّر، وقد قال الله تعالى: "فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ"، سورة الزلزلة:7-8.
- إيجادِ حياةٍ كريمة ورزقٌ طيّب: قال الله تعالى: "وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا" سورة الطلاق: 2-3، وَقَد رُوِيَ عَن أبي ذَرّ عَنِ النبي صلى الله عليهِ وسلّم قال: (لو أخَذَ النّاسُ كُلّهُم بهذِهِ الآية لَكَفَتهُم)، وبالتالي نَتَعَلّم مِن هذا الأمر أنّ الإنسان الذي يستغلّ وَقتَهُ فِي طاعةِ الله والابتعادِ عَن نَواهِيه سَيَجعَلُ الله له فِي كُلّ ضيقٍ ومشاكِل الحياة مَخرَجاً ويرزقهُ رزقٌاً مِن حَيثُ لا يدري، فالحياةِ الكريمة صَعبَةِ المنال لا يٌمكن أن تأخُذَها سِوى برضى الله عليك واستغلالُ الوَقِت فِي طاعَةِ الله.
- التفكيرِ بالوقت وحسابِ الآخرة يجعل أهدافَ الإنسان نبيلة: تخيّل حسابكَ وأنت واقف أمامَ الله تسأل عن عمرك ماذا فعلت فيه؟، وعن مالك فيما أنفقته؟، المال من أين إكتسبته؟، والمعروف أنّ الموت علينا حق فلا مهربَ منهُ فمجرّدِ التفكير بالموت لوحدهُ يجعلنا نقف لنعيدَ حساباتنا مع الأعمال التي نفعلها، هل هي فعلاً ترضي الله! فعش ما شئت فإنّك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنّك مجزٍ به، دائماً اجعل أهدافك في الحياة نبيلة واستغلّ وقتك في العمل وأيضاً في طاعةِ الله.
- الإسلام يعلّم الإنسان أن يُنفِقَ وَقتَهُ إنفاقاً استثماريّاً وليسَ إنفاقاً استهلاكيّاً: الحياة المليئةِ بالروتين قاتِلَة مِثِل الأكل، والنوم، الذهاب إلى العمل وهكذا، مِن دُونِ وجودِ مُغَذٍ لِرُوحِ الإنسان مِثلَ (الصلاة، والزكاة، والكلام الطيّب، وحجّ البيت، والصوم، وغيرهِ مِنَ الأعمال الصالحة)؛ فهِيَ التي تَجعَلُ تِجارَة الإنسان ناجِحَة وَتُدخِل الطمأنينةِ على قَلبِه وَيُوَلّد شعورِ أهميّةِ الوقت لديه، فقد كان الرسول عليهِ السلام يصلّي ليرتاح من همومِ الدنيا وليس من أجلِ أن يرتاح منها ويؤديها.
فَلا تَجعَلُ حياتُكَ مِثلَ الأنعام وامدُد حَبلاً بَينَكَ وبين الله حتّى يكون الله مَعَكَ فِي كُلّ خُطوَةٍ تَخطيها فِي حياتك، وتنعم بالراحة والطمأنينة خصيصاً إذا أردتَ حَياةً لا خَوفَ فِيها، فالوقت عبارة عَن لِعبَةٍ زَمنيّة، لا تسمح للوقت والحياة أن يسيّرا حياتَكَ كَما تُريد بَل أنت سَيّرها نَحوَ الطريق الصّحيح لتَكُونَ حَياتُكَ ذُات مَعنى، والطريق الصّحِيح هو الذي سَيُعلّمكَ أهميّةِ الوقت، وَقَد قال الله تعالى: (وَالْعَصْرِإِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍإِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)سورةِ العصر.