الحزن يمرّ الواحدُ منّا في حياتِه بكثيرٍ من المواقف والأحداث التي تبعثُ في نفسه الهمّ والحزن، وبينما يستطيع عددٌ من النّاس تجاوزَ هذه المواقف المحزنة بعزيمةٍ قويّة، وإرادةٍ صلبة، ترى أناساً آخرين يظلّون قابعين في أسْر هذه الأحزان مستسلمين لها، مسلّمين نفوسهم لما قد يترتبّ على تلك الأحزان من آثارٍ نفسيّة مدمّرة للنّفس والبدن.
كيفيّة التخلص من الحزن لا شكّ بأنّ الحزن هو حالةٌ نفسيّة وشعورٌ نفسيّ بالإمكان الخروج منه إلى رحاب الفرحة والأمل، ولا يكونُ هذا الخروج من تلك الحالة السّيئة إلاّ باتباع منهجٍ واضحٍ في الحياة يرتكز على عدّة أمور، نذكرُ منها:
- الإيمان بالله تعالى، فالنّفس الإنسانيّة لا تطمئنُّ إلاّ بالقرب من ربّها، ولا يشحذُ هممَها إلاّ الإيمان به سبحانه، وحيثما حلّ الإيمان في قلب وجدت الطّمأنينة والرّاحة والرّضا بما كتبه الله على الإنسان وقسم له، وحيثما غابَ الإيمان عن القلوب وجدت الضّيق والضّنك، واستولت الأحزان على القلوب ووجدتها فريسة سهلة لها.
- الإيمان بأنّ ما يصيبُ المسلم من همٍّ أو حزنٍ أو مشقّة في الحياة هو خيرٌ له كما يكونُ الفرح والسّعادة والرّزق خيراً له، ففي الحديث الشّريف أنّ ما يصيبُ المسلم من همٍّ ولا حزن إلاّ كفّرت به خطاياه، ومن كفّرت خطاياه زادت حسناته ورفعت درجاته، وازداد قربه من الله، وكذلك عندما يقابل المسلم ما يصيبه من الهمّ والحزن بالحمد والشّكر إلاّ كان خيراً له، لأنّ الله يثيبه مقابل صبره أجراً بغير حساب، وعوضاً ورزقاً بغير أسباب.
- مخالطة النّاس والانطلاق إلى الحياة، فالإنسانُ الذي تستولي عليه الأحزان وتعزله عن النّاس تراه دائماً كئيباً قلقاً حزيناً، بينما يعملُ الخروج إلى الحياة ومخالطة النّاس على إحداث الآثار العجيبة في النّفس، فربّما يلتقي الإنسان بأناسٍ يبعثون في نفسه الفرح والسرور بما يمتلكونه من مهارات التّواصل والسّلوك الإنساني الإيجابيّ، وبما حباهم الله به من الطّرافة والقدرة على الإمتاع والمؤانسة.
- امتلاك العزيمة والإرادة على تخطّي المواقف التي تبعثُ في النّفس الحزن، فدونَ الإرادة ترى الإنسان ضعيفاً هزيلاً لا يقوى على مواجهة أحزانه، بينما تقوّي الإرادة والعزيمة النّفس الإنسانيّة، وتجعلها قادرةً على تجاوز الأحزان وتخطّي الصّعاب، والمضي بعد الانتكاس.
- تغيير الأماكن التي تذكّر الإنسان بأحزانه، فغالباً ما ترتبط ذاكرة الإنسان بالمكان الذي يعيش فيه، وبالتّالي على الإنسان أن يحرص على هجر تلك الأماكن التي تجدّد له الذّكريات الحزينة حتّى ينسى، أو يقوم بتغييرها.