يعدّ الماء عنصراً مهمّاً لبقاء الإنسان على قيد الحياة؛ حيث يشكّل ما نسبته 65% من جسم الإنسان البالغ، وتتوزّع هذه الكمية بنسبة 70% داخل الخلايا، و30% خارجها، وإذا فقد الشخص 20% من الماء الموجود في جسمه فإنه يموت. تكمن أهمية الماء في الآتي:[١]
نظراً لأهميّة الماء لجسم الإنسان فمن الضروري الاهتمام بنظافته ومعالجته؛ حيث إنّ الغرض الأساسي من توفير مياه شرب صحيّة هو الحفاظ على صحة الأفراد، بالإضافة إلى أنّ المياه يجب أن تكون عالية الجودة خاصّةً عند استخدامها لدى مرضى غسيل الكلى، أو تنظيف العدسات اللاصقة، أو إنتاج أنواع خاصة من الأغذية.[٢]
تضع كل بلد معايير خاصّة لمياه الشرب، فليس هناك أسلوبٌ خاص لمعالجة مياه الشرب مطبّق عالمياً، فلكلّ بلد احتياجاته وقدراته في تطبيق معايير الجودة الخاصة بمياه الشرب، إضافةً إلى أنّ وضع القوانين الخاصة بذلك ولوائح العمل وتنفيذها يؤدي للحصول على مياه شرب آمنة.[٢] يُشار إلى أنه يجب أن تكون المياه الصالحة للاستعمال البشري خاضعةً إلى المحدّدات الموضوعة من قِبَل منظمة الصحة العالمية، والتي تحدّد نسبة الشوائب المسموح بها وأقصى تركّز لها وللمعادن الذائبة والمركّبات الكيميائية الضارة.[٣]
معالجة مياه الشربتمّ ابتكار مشاريع تهدف إلى معالجة مياه الشرب وتنظيفها من المواد الصلبة والشوائب التي تحملها، وللحصول على مياه صالحة للشّرب والاستعمال البشري تكمُن الخطوات الأساسية في قتل أيّ كائنات حية تعيش في المياه وتُسبّب الأمراض، كما يجب التخلّص من الرائحة واللون والطعم غير المرغوب بهم، بالإضافة إلى التخلّص من المعادن الذائبة الضارة.[٣] تَختلف خطوات مُعالجة مياه الشرب تبعاً لمصدر المياه ومُواصفاتها؛ حيث يمكن اكتشافِ مُحتويات جَديدة لم تكن موجودة أو كانت موجودة ولم يُلاحظ ذلك، أو اكتشاف محتويات في الماء تُسبّب مشكلات سواء كانت موجودة فعلاً أو أنّها نتجت بسبب عمليّات المعالجة.[٤]
طرق معالجة مياه الشربفيما يلي شرح للطّرق التقليدية في معالجة مياه الشرب:[٥]
المأخذيوضع مأخذ على المصدر المائي لسحبِ المياه من خلال مضخّات تستخدم تقنية الدفع المنخفض، وتُركب على الأنابيب المسؤولة عن سحب الماء في المضخّات مصافي تمنع دخول المواد الكبيرة مثل قطع الخشب والأسماك وأكياس النايلون، ويتمّ عن طريق مضخات الدفع المنخفض تحويل الطاقة الميكانيكيّة إلى هيدروليكية تسحب الماء وتوصله إلى محطّة المعالجة، ويجب مراعاة عدة أمور في المأخذ مثل مصدر المياه سواء كان مياه بحيرات أو بحار أو خزانات أو أيّ مصدرٍ آخر ونوعية المياه التي يجب أن تُعالج سواء مالحة أو عذبة وما إلى ذلك، كما يجب مراعاة حجم وأقصى وأدنى سعة يمكن أن تتحمّلها منظومة المياه، ويُراعى أيضاً الهدف من إنشائها سواء كانت مجمّعاً سكنيّاً أو صناعياً أو غير ذلك.[٥]
توجد عدة أنواع للمآخذ، ولكلٍّ منها صفاتها وطريقة عملها الخاصة بها، وهي:[٥]
هي عبارة عن آله تُحوّل الطاقة الميكانيكية إلى طاقة هيدروليكية، وينطوي عملها على سحب المياه من المصدر من خلال أنابيب السحب وإيصاله إلى محطّة المعالجة، ويعتمد عدد المضخّات المستعملة على مجموعة عوامل مثل حجم الماء الذي يتم نقله.[٥]
المزج السريعتُمزج المواد الكيميائية المخثرة مثل مادة الشب مع الماء في الوحدة الخاصة بالمزج السريع، ويكون شكل المادة المخثرة إما كمسحوق أو محلول مركز، كما تُستخدم مساعدات التخثير إضافةً إلى مواد التخثير كمركبات الحديد والشب، أما مساعدات التخثير فهي عبارة عن لدائن عضوية تُزيل المواد العالقة بكفاءة عالية، ويحدث المزج بسبب الطاقة الكبيرة الناتجة عن جريان الماء والتي يُساندها مصدر آخر مثل التوربينات أو الهواء المضغوط، وتُصمّم أحجام أحواض المزج لضمان استقرار المياه فيها لمدة دقيقة إلى دقيقتين إذا وُجد مصدر مزج خارجي، أمّا المزج الهيدروليكي فيستغرق مدّةً اطول من دقيقتين.[٥]
التخثيريتم في هذه العملية تخثير المواد صغيرة الحجم التي لا يُمكن ترسيبها، فيتم تجميعها لتأخذ شكل تكتلات ويزيد وزنها ويسهل ترسيبها، ويكون ذلك بسبب وضع المواد المُخثّرة في الماء لتتوزّع بانتظام وتتفاعل ملوحتها مع طبيعة الماء القلوية لتكوين هيدروكسيد جلاتيني يجمع الذرات العالقة في تكتلات، أمّا عند عدم توفر قلوية كافية في الماء فتساهم الشحنات الإلكتروستاتيكية في تكتل الذرات وتجمعها، وتصمّم الأحواض الخاصة بعملية التخثير لتبقى لمدّةٍ تتراوح بين 20-30 دقيقة لإتمام المزج بشكل كامل وبسرعة خلط 0.15-0.45م/ث، ويتم الخلط ليزيد من فرص حدوث التكتلات.[٥]
تُعرف عملية الخلط هذه بالتلبيد أو التكتل، وهي نوعان:[٥]
يحدث ذلك في أحواض الترسيب الخاصة؛ حيث يتمّ ترسيب أكبر قدر من المواد العالقة في الماء والتي يزيد حجمها عبر عمليّة التخثير ليسهل ترسيبها، ويصل الماء من أحواض التخثير إلى أحواض الترسيب، ويبقى الماء ما يقارب 4 ساعات في الأحواض إلى أن يتم ترسيب ما نسبته 90% من المواد العالقة، وتحدث عملية الترسيب بنزول المواد العالقة ذات الوزن الكبير إلى الأسفل تليها المواد الأصغر في الحجم، أما الصغيرة جداً صعبة الترسيب تُزال بعملية الترشيح.
يُصمّم حوض الترسيب بشكل مائل في أسفله لتجميع المواد العالقة الملوِّثة في القاع، وعندما ترتفع نسبتها تُزال عن طريق كاسحة الأطيان ويتم التخلص منها؛ حيث يحتوي القاع على فتحات مخصصة لسحب المُلوثات، وتُغسل الأحواض كل فترة للتخلص من المواد التي يصعب إزالتها بالكاسحة.[٥]
الترشيحتعدّ هذه المرحلة أساسيّةً في عملية معالجة المياه؛ حيث تتم فيها إزالة بقية الشوائب المتبقية بعد عملية الترسيب، وتتكون أحواض الترسيب من طبقة رملية مُصفّاة سمكها 60-70سم، وتكون فوق قاعدة من الحصى سمكها 30-40سم، وفوقها طبقة من الكربون المنشِّط الذي يزيل المواد العالقة الصغيرة، إضافةً إلى أنه يزيل الطعم والرائحة غير المرغوب بهما، ويحدث الترشيح إما بالانتقال أو بالارتباط، فتكون المساحة بين حبيبات الرمل كبيرة وأكبرمن المواد العالقة وعندما تمر المواد العالقة خلال طبقة الرمل ترتطم بسطح حبيبات الرمل أو تنحصر في الزوايا الضيّقة بينها فيحدث الترشيح.[٥]
يحدث الاتلصاق بين المواد العالقة وحبيبات الرمل بفعل قوى فاندرالفالز أو قوى كهربائية أخرى، وبعد انتهاء الترشيح يُغسل الحوض بعملية الغسيل العكسي فتُستخدم مياه قوية من الأسفل إلى الأعلى وسريعة باتجاه عكس اتجاه جريان الماء الأصلي، ويُساندها ضغط ميكانيكي أو هيدروليكي يساعد على إفلات المواد العالقة ومن ثم يُسحب الماء ويُعاد إلى المصدر لتتمّ معالجته أو يتم التخلص منه.
المرشحات أنواع؛ حيث تستخدم بعض محطات المعالجة المرشحات الرملية البطيئة، ولهذا النوع سلبيات منها أنّ حركة الماء فيها تكون بطيئة جداً، وهي بحاجة إلى مساحات شاسعة من الأراضي كونها أكبر حجماً من المرشحات الرملية السريعة مما يجعل تكلفتها مرتفعة مع أنه لا يتم غسلها بعد الانتهاء من الترشيح بل تتم إزالة الطبقة العليا بالكشط كل فترة وتُقدّر بعدة أسابيع، أما إنتاجها من المياه المُعالَجة فهو قليل نظراً لبطئها، وهناك أيضاً مرشحات تشبه في مبدأ عملها مرشّحات الجاذبية إلّا أن الاختلاف يكمن في أنها مُغلقة بواسطة جدران مصنوعة من الفولاذ بشكل اسطواني، وتدفع المياه فيها عن طريق قوة ميكانيكية ضاغطة، وتُصمّم المرشحات بشكل عام بسرعة ترشيح 4-11م/س.[٥]
التعقيمتُستخدم في طريقة التعقيم أو التطهير مواد معقّمة مثل غاز الكلور أو ثاني أكسيد الكلور، كما يُمكن التطهير باستخدام غاز الأوزون أو الأشعة فوق البنفسجية، إلا أنّ لهما سلبيات معيّنة في التعقيم؛ فغاز الأوزون ينفد بسرعة كبيرة فلا يؤمّن الحماية اللازمة للمياه من التلوث أثناء النقل، أما الأشعة فوق البنفسجية فهي مطهّر لحظي، أما الكلور فهو أرخص ثمناً كما أنّه سهل الاستعمال وقويّ على الملوثات. يُضاف الكلور إلى خزانات المياه قبل أن تصل المياه إليه بعد الترشيح، ويحتاج مدّة 20-30 دقيقة ليتفاعل مع الملوّثات والبكتيريا، أما غاز ثاني أكسيد الكلور فهو ضار جداً حيث يترك كميّات كبيرة من الكلوريتات الضارة بالإنسان.
توجد بعض الوحدات الإضافيّة في محطات معالجة المياه للتخلّص من التركيز العالي لبعض الشوائب، مثل الترسيب المسبق، والكلورة المسبقة، وإزالة العسرة، والتهوية.[٥]
تنقية المياه في حالات الطوارئتُستخدم هذه الطريقة في حالة الشك إذا ما كانت المياه غير آمنة بسبب وجود بعض الزّيوت أو المواد السامة فيها، أو بسبب وجود مواد كيميائيّة ضارة أو ملوثات أخرى؛ حيث تُزيل هذه الطريقة البكتيريا والفيروسات العالقة في الماء، ويفضّل في الحالات الطارئة أن يتم شرب الماء المخزن لمثل هذه المواقف،[٦] أمّا الطرق التي يتم استخدامها في حال عدم وجود ماء نظيف هي:[٧]
المقالات المتعلقة بكيفية معالجة مياه الشرب