من فضائل الأعمال وأجلّها عند الله تعالى برّ الوالدين، فقد وصى الله تعالى الإنسان بوالديه إحساناً وأمر بحسن معاملتهما في كبرهما، فالوالدين بما قدّموه وبذلوه في حياتهما من أجل أبنائهما يستأهل من الإنسان أن يقف بجانبهما في كبرهما وعجزهما، فهم الذين سهروا الليالي وبذلوا الجهد من أجل أن يشبّ أبناءهم في صحّة وعافية.
أتى رجلٌ إلى النّبي عليه الصّلاة والسّلام يسأله عن خير الأعمال وأفضلها عند الله فذكر له الصّلاة على وقتها ثمّ برّ الوالدين، كما بيّن النّبي الكريم لرجل يسأله عن الصّحبة وأحقّ النّاس بها فقال له أمّك ثمّ أمّك ثمّ أمّك ثمّ أبوك، وإنّ هذه المكانة التي منحها الإسلام للوالدين لتأكّد على حقّهما الكبير وفضلهما العظيم، ويتساءل كثيرٌ من النّاس عن كيفيّة برّ الوالدين، والحقيقة أنّ لبرّهما صورٌ كثيرة منها نذكر منها:
- حسن معاملتها وعشرتهما ولين الكلام معهما والتّبسم في وجههما، فعلى المسلم أن يحرص على اختيار ألفاظه مع أبويه وأن يتجنّب الكلام الذي يجرحهما أو يؤذيهما، فربّ كلمة استهان في شأنها الإنسان عدّت عند الله تعالى من أنواع العقوق.
- أخذ مشورتهما واستئذانهما، فالمسلم الحريص على برّ والديه تراه يستشيرهما في كلّ أموره وهذا يشعر الوالدين بأهميّتهما عند ولدهما، كما يستأذن المسلم والديه إذا همّ بعمل أمرٍ احتراماً لهما وإعلاء لشأنهما، وقد قال عددٌ من المفسّرين في أهل الأعراف المذكورين في القرآن الكريم عدداً من الأقوال منها أنّهم جماعة خرجوا للجهاد من دون إذن والديهم فأدركوا الشّهادة فمنعهم هذا المقام من دخول النّار ومنعتهم مخالفة والديهم من دخول الجنّة.
- اجتناب ما يكرهون من الأفعال والأقوال، فالمسلم الحريص على برّ والديه تراه يتحرّى ما يرضي والديه من القول والعمل ويتجنّب ما يبغضهما.
- الانفاق عليهما، فواجب المسلم الانفاق على أهله في حالة عجزهما وأن لا يعدّ ذلك نوعاً من الصّدقة، فنفس الإنسان وماله هي لأبويه كما بيّن النّبي الكريم ذلك بقوله لرجل جاءه يشكو والده (أنت ومالك لأبيك).
- الدّعاء لهما بعد وفاتهما وصلة أقاربهما وأحبائهما، فالمسلم البارّ بوالديه تراه يحرص على برّهما حتى بعد وفاتهما من خلال الحرص على الدّعاء لهما بالمغفرة والاستغفار لهما، والحرص على صلة أقاربهما وأصدقائهما.
- التّصدق عنهما وانفاذ وصيتهما، فالمسلم البارّ حريص على أن يبذل ماله في سبيل الله تعالى وأن يجعله وقفاً عن والديه من أجل أن يستمرّ وصول الأجر لهما كمن يوقف سبيلاً لشرب الماء أو يبني مسجداً وفي نيته وصول الأجر إلى أبويه، وكذلك أن يحرص على تنفيذ وصية والديه.
أخيراً لا بدّ من التّذكير بأنّ عقوق الوالدين هو من كبائر الذنّوب التي تهلك الإنسان وتقرّبه من العذاب فليحرص المسلم على برّ والديه حتّى ينال رضا الله تعالى ومحبّته.